للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجمعين، لا يعرف عن أحد منهم في ذلك خلاف، وكما اتفقوا على تحريم الغدر وترك الوفاء بالعهد فقد اتفقوا على أن الأحاديث الصحيحة الواردة [١ ب] في أن الغدر في العهد من خصال المنافقين، وأنه يدخل عهد المسلم للمسلم تحت ذلك دخولا أوليا، وكذلك اتفقوا على أن ما ورد في الأحاديث الصحيحة أنه ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة (١)، ويقال: هذه غدرة فلان، يتناول عهد المسلم للمسلم تناولا أوليا لا شك في هذا ولا ريب، والحاصل أن الوفاء بالعهود، وعدم جواز نكثها، والمخالفة لمضمونها، هو قطعي من قطعيات الشريعة.

ولو نتبع ما في الكتاب العزيز والسنة المطهرة من ذلك لجاء في مؤلف مستقل، يعلم ذلك كل من له علم بالكتاب والسنة، فكيف يتمسك من يؤمن بالله واليوم الآخر بهذه الفرية التي ليس فيها مرية، وتعارض بها قطعيات الشريعة التي هي فيها كالجبال الرواسي؟ فلو قدرنا أن لهذا اللفظ المكذوب والكلام الموضوع وجهًا يعرف به لم يحل لمؤمن أن يتمسك به، أو يعارض به ما هو قطعي من قطعيات الشريعة، بل لو قدرنا أنه قد خرج من مخرج صحيح أو حسن لم يحل نصبه في مقابلة آيات القرآن الكثيرة العدد، الوافرة المدد، والأحاديث المتواترة تواترًا، لا يخفى هذا إلا على من لا يدري بما في الكتاب والسنة، فكيف وهذا اللفظ باطل باطل قد تبرمت عنه المؤلفات في الأحاديث الموضوعة المكذوبة، فضلا عن مجاميع السنة ومسانيدها؟ وفي هذا المقدار من هذا البحث كفاية، فإن


(١) أخرجه البخاري رقم (٣١٨٦ و٣١٨٧)، ومسلم رقم (١٣/ ١٧٣٦) من حديث عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به، يقال: هذه غدرة فلان ".
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (٩/ ١٧٣٥) من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء، فقيل: هذه غدرة فلان بن فلان ".