للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا ترى كثيرًا من العامة إذا رأى قبرًا في مسجد، أو في شهدٍ مرغ فيه خده والتمسه مرة بعد مرة، ولا سيما إذا كان فيه زخرفة، أو عليه أعواد منقوشة، أو ثياب ملونة؛ فإن العامي الغليظ إذا أراد على تلك الصفة ظن أنه النافع الضار، كما وقع مثل ذلك في كثير من الأقطار.

ومن ههنا يظهر سر مبالغته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في الزجر عن اتخاذ القبور مساجد، وتكرير ذلك مرة بعد أخرى، بل ما زال ينهى عن ذلك إلى أيام مرضه.

وقد أخرج مسلم (١) عن جندب بن عبد الله البجلي قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قبل أن يموت بخمس وهو يقول: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد". الحديث، بل وقع منه النهي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عن مجرد رفع القبور لتلك العلة، كما في حديث أبي الهياج (٢) عن علي - عليه السلام - قال: أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرًا إلا سويته" رواه الجماعة (٣) إلا البخاري.

وعن جابر قال: نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أن يجصص القبر، وأن


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٨٩) ومسلم في صحيحه رقم (٩٣/ ٩٦٩) وأبو داود رقم (٣٢١٨) والنسائي (٤/ ٨٨ رقم ٢٠٣١). وهو حديث صحيح.
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٨٩) ومسلم في صحيحه رقم (٩٣/ ٩٦٩) وأبو داود رقم (٣٢١٨) والنسائي (٤/ ٨٨ رقم ٢٠٣١). وهو حديث صحيح.