للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن صلى رجل في مكان ظاهر منها أجزته. وإلى مثل ذلك ذهب أبو طالب، وأبو العباس، والإمام يحيى، وقال الرافعي: أما المقبرة فالصلاة مكروهة فيها بكل حال.

وذهب الثوري، والأوزاعي، وأبو حنيفة إلى كراهة الصلاة في المقبرة، ولم يفرقوا كما فرق الشافعي (١) ومن معه بين المنبوشة وغيرها. وذهب مالك إلى جواز الصلاة في المقبرة وعدم الكراهة. والأحاديث ترد عليه.

وقد احتج له بعض أصحابه بأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - صلى على قبر المسكينة (٢) السوداء، وهذا من أعجب ما يتفق لمن لا عناية له بعلم الرواية. والحاصل أن اسم المقبرة يصدق على المكان الذي هو موضع للقبر وإن اتسع من غير فرق بين ما فيه قبر واحد أو قبور متعددة، قال في القاموس (٣): القبر مدفن الإنسان، الجمع قبور، والمقبرة مثلثة الباء، وكمكنسة موضعها. انتهى.

والمراد بالمكان الذي يصدق عليه اسم المقبرة هو ما كان له حائط، أو حدود معلومة، أو نحو ذلك مما يمتاز به عن غيره، فإذا جعلت مثلا قطعة من الأرض للقبر فيها، ثم دفن


(١) في "الأم" (٢/ ٩٥ - ٩٦).
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٣٣٧) ومسلم رقم (٩٥٦) وأبو داود رقم (٣٢٠٣) وابن ماجه رقم (١٥٢٧) وأحمد (٢/ ٣٥٣) والبيهقي (٤/ ٤٧) من حديث أبي هريرة.
(٣) (ص ٥٩٠).