للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه ومخالفته للصواب، وعدم صحة ما نقله عن غيره ونقلنا كلام ابن القيم من مؤلفاته، وذكرنا ما قاله أهل العلم في هذه المسألة في مؤلفاتهم المشهورة، وإطباقهم على ما قدمنا ذكره وليس هذا مقام بسطه فلسنا بصدد تقدير المسألة على الوجه الذي ينبغي تحريره بل بصدد جواب ما سأل عنه السائل عافاه ألله مما اشتمل عليه سؤاله.

وبالجملة فإخلاص التوحيد لله عز وجل وقطع علائق الشرك كائنة ما كانت لا تحتاج إلى أن تنتقل فيه أقوال الرجال أو يُستَدل عليه بالأدلة فإنه الأمر الذي بعث الله لأجله رسله وأنزل فيه كتبه، وفي هذا الإجمال ما يغني عن التفصيل ومن شك في هذا فعليه بالتفكر في القرآن الكريم فإنه سيجده من أعظم مقاصده وأكثر موارده، فإن عجز عن ذلك فلينظر في سورة من سوره، فإن قال أريد منك مثالا أقتدي به وأمشي على طريقته وأهتدي إلى التفكر الذي أرشدتني إليه بتقديم النظر فيه فنقول ها نحن نقرب لك المسافة ونسهل عليك ما استصعبته. هذه فاتحة الكتاب العزيز التي يكررها [١٢] كل مصل في كل صلاة ويفتتح بها التالي لكتاب الله والمتعلم له فإن فيها الإرشاد إلى إخلاص التوحيد في ثلاثين موضعًا:

الأول: قوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم} فإن علماء المعاني والبيان ذكروا أنه يقدر المتعلق متأخرا ليفيد اختصاص البداية (١) باسم الله تعالى لا باسم غيره، وفي هذا المعنى ما لا يخفى من إخلاص التوحيد.

الثاني والثالث: وفي الاسم الشريف أعني لفظ (الله) عز وجل، فإن مفهومه كما حققه علماء هذا الشأن الواجب الوجود المختصر بجميع المحامد فكان في هذا المفهوم إشارتان إلى إخلاص التوحيد: أحدهما تفرده بوجوب الوجود، وثانيهما اختصاصه بجميع المحامد ما يستفيد من الاسم الشريف الذي أضيف إليه لفظ اسم هذان الأمران (٢).


(١) انظر الكشاف للزمخشري (١/ ١٠١ - ١٠٢).
(٢) انظر: روح المعاني للألوسي (١/ ٧٥).