للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاث مرات وما منا إلا .. ولكن الله يذهبه بالتوكل".

قال الخطابي (١) قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري: كان سليمان بن حرب ينكر هذا ويقول: هذا الحرف ليس قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وكأنه قول ابن مسعود.

وحكى الترمذي (٢) عن البخاري عن سليمان بن حرب نحو هذا وأن الذي أنكره هو "وما منا إلا". قال المنذري (٣) أما الصواب ما قاله البخاري وغيره أن قوله: وما منا إلا إلخ من كلام ابن مسعود مدرج.

قال الحافظ أبو القاسم الأصبهاني (٤) والمنذري (٥) وغيرهما في الحديث إضمار أي وما منا إلا وقد وقع في قلبه شيء من ذلك يعني قلوب أمته وقيل: معناه ما منا إلا من يعتريه التطير وسبق إلى قلبه الكراهة فحذف اختصارًا واعتمادًا على فهم السامع. ويؤيد هذا المعنى ما أخرجه أحمد (٦) ومسلم (٧) من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال: "قلت يا رسول الله إني حديث عهد بالجاهلية وقد جاء الله بالإسلام فإن منا رجالا يأتون الكهان (٨)، قال: فلا تأتهم، قال: ومنا رجال يطيرون، قال: ذلك شيء يجدونه في


(١) في "معالم السنن" (٤/ ٢٣٠ - مع السنن).
(٢) في "السنن" رقم (٤/ ١٦١).
(٣) في "مختصر السنن" (٥/ ٣٧٤).
(٤) في "الترغيب والترهيب" (١/ ٤١٨).
(٥) في "الترغيب والترهيب" (٣/ ٦٤٧).
(٦) في "المسند" (٥/ ٤٤٧، ٤٤٨).
(٧) في صحيحه رقم (١٢١/ ٥٣٧).
(٨) قال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٧/ ١٥٣): الكهانة كانت في العرب على ثلاثة ضروب:
أحدهما: أن يكون له إنسان أي من الخير، فيخبره بما يسترق من السمع من السماء وهذا القسم قد بطل منذ بعث الله محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الثاني: أن يخبر بما يطرأ في أقطار الأرض وما خفي عنه بما قرب أو بعد.
الثالث: التخمين والخرز، وهذا يخلق الله منه لبعض الناس قوة ما لكن الكذب في هذا الباب أغلب، ومن هذا الفن العرافة، وصاحبها عراف وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها، وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن في ذلك بالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة وهذا الفن هي العيافة بالياء. وكلها ينطلق عليها اسم الكهانة عندهم.