للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله وحده، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله.

وبعد: فإنه ورد في السؤال عن تفسير ما وقع في حديث الغدير عند الطبراني عن (١) عن جرير


(١) في "المعجم الكبير" (٢/ ٣٥٧ رقم ٢٥٠٥) وأورده الهيثمي في "المجمع" (٩/ ١٠٦) وفيه بشر بن حرب وهو لين، ومن لم أعرفه أيضا.
عن بشر بن حرب عن جرير قال: شهدنا الموسم في حجة مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي حجة الوداع، فبلغنا مكانا يقال له غدير خم، فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمعنا المهاجرون والأنصار، فقام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسطنا فقال: "أيها الناس بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله. قال: "ثم مه؟ " قالوا: وأن محمدا عبده ورسوله، قال: "فمن وليكم؟ " قالوا: الله ورسوله مولانا، قال: "من وليكم؟ " ثم ضرب بيده على عضد علي رضي الله عنه فأقامه فنزع عضده فأخذ بذراعيه فقال: "من يكن الله ورسوله مولياه فإن هذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، اللهم من أحبه من الناس فكن له حبيبا، ومن أبغضه فكن له مبغضا، اللهم إني لا أجد أحدا أستودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين غيرك فاقض فيه بالحسنى". قال بشر: قلت: من هذين العبدين الصالحين؟ قال: لا أدري.
وذكره السيوطي في "الموضوعات" رقم (٢٦١) وعزاه للطبراني عن جرير وقال: قال ابن كثير: غريب جدا بل منكر.
غدير خم: الغدير فعيل من الغدر، غدير: بفتح أوله، وكسر ثانيه وأصله غادرت الشيء إذا تركته وهو فعيل بمعنى مفعول كأن السيل غادره في موضعه فصار كل ماء غودر من ماء المطر في مستنقع صغيرا كان أو كبيرا غير أنه لا يبقى إلى القيظ سمي غديرا.
خم: اسم موضع غدير خم، وهو بين مكة والمدينة وبينه وبين الجحفة ميلان.
خم في اللغة: قفص الدجاج، فإن كان منقولا من الفعل فيجوز أن يكون مما لم يسم فاعله من قولهم: خم الشيء، إذا ترك في الخم، وهو حبس الدجاج.
وقيل: خم اسم رجل صباغ أضيف إليه الغدير الذي هو بين مكة والمدينة بالجحفة.
وقال الحازمي: خم واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير، عنده خطب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة.
"معجم البلدان" (٢/ ٣٨٩) (٤/ ١٨٨).
قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (٥/ ١٨٢ - ١٨٣): في إيراد الحديث الدال على أنه - عليه السلام - خطب بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة - يقال غدير خم - فبين فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن، بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا، والصواب كان معه في ذلك، ولهذا لما تفرغ - عليه السلام - من بيان المناسك ورجع إلى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ وكان يوم الأحد بغدير خم شجرة هناك، فبين فيها أشياء، وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه.
أخرج النسائي في "فضائل الصحابة" (ص ١٥): عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حجة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقممن ثم قال: "كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردوا علي الحوض، ثم قال: إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت وليه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه".
وأخرجه الترمذي في "السنن" رقم (٣٧١٣) من حديث زيد بن أرقم. وهو حديث صحيح. وفيه "من كنت مولاه فعلي مولاه". ولم يذكر العبدين الصالحين.