للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسوغ أو بالتفريط فيما أوجبه الله، محبة للسلامة وميلا إلى الراحة والدَّعة واستبقاء للجاه بين العامة والسواد الأعظم من الناس، فيكون علمه محنة له ونقمة عليه، ويكون وجوده كعدمه بل يكون الضر بوجوده أكثر لأنه ربما يدخل بداخلهم ونُطق الموافقة لهم فيعتقدون أنه معهم وفي عدادهم فلا يقبلون من أمثاله ويحتجون عليهم بموافقته، وما أقل من يصدع بالحق ويقوم بواجب البيان من أهل العلم، ولهذا ينزع الله البركة من علومهم ويمحقها محقا لا يفلحون بعده.

وهذا الذي يتصدى للصدع بالحق والقيام بواجب البيان لا يوجد في المدينة الكبيرة بلى الأقطار الواسعة إلا الفرد بعد الفرد، وهم مكثورون بالسواد الأعظم مغلوبون بالعامة ومن يلتحق بهم من الخاصة، فقد يتأثر من قيام ذلك الفرد النادر بعض الواقعين في أمر من الأمور لإخلاص التوحيد، وقد لا يتأثر عنه شيء. فمن هذه الحيثية خفي على بعض أهل العلم ما خفي من هذه الأمور ووقع في مؤلفاتهم وأشعارهم ما أشار إليه السائل، وقد صاروا تحت أطباق الثرى وقدموا على ما قدموا من خير أو شر، ولم يبق لنا سبيل إلى الكلام معهم والنصح لهم، ولكن يتحتم علينا بيان بطلان ذلك الذي وقعوا فيه، واشتملت عليه مؤلفاتهم وأشعارهم، والإيضاح للأحياء [٢٢] بأن هذا الذي قاله فلان في كتابه الفلاني أو في قصيدته الفلانية واقع على خلاف ما شرعه الله لعباده، ومخالف لما جاءت به الأدلة، ومستلزم لدخول من عمل به في باب من أبواب الشرك ونوع من أنواع الكفر، والتعريض بذلك في الرسائل التي يكتبها من أوجب الله عليهم البيان والتحذير منه بأبلغ عبارة، والزجر عنه بأوضح بيان حتى يعلم الناس ما فيه، ويتحامَوا الوقوع في شيء منه إن بقي لرجوعهم إلى الحق سبيل.

وعلى فرض عدم الرجوع إلى الحق فقد قامت عليهم حجة الله وخلص العالم عن الفرض الذي أوجبه الله عليه وبرئت ذمته وظهرت معذرته.

واعلم أن هذه البدعة العظيمة والمحنة الكبرى التي طبَّقت المشرق والمغرب ووقع فيها السلف والخلف، أعني الاعتقاد في الأموات إلى حد يخدش في وجه الإيمان ويفت في