للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشايخه (١). أنه كان يقول: المكروه عقبة بين العبد والحرام، فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام. والمباح عقبة بينه و [بين] المكروه، فمن استكثر منه تطرق إلى المكروه.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٢) "والذي يظهر لي رجحان الأول - يعني أن المشتبهات هي ما تعارضت فيه الأدلة - ثم قال: ولا يبعد أن يكون كل من الأوجه مرادا، ويختلف ذلك باختلاف الناس: فالعالم الفطن لا يخفى عليه تمييز الحكم، فلا يقع له ذلك إلا في الاستكثار من المباح أو المكروه، ومن دونه تقع له الشبهة في جميع ما ذكر بحسب اختلاف الأحوال، ولا يخفى أن المستكثر من المكروه يصير فيه جرأة على ارتكاب المنهي عنه بالجملة، أو يحمله اعتياده لارتكاب المنهي غير المحرم على ارتكاب المنهي المحرم، أو يكون ذلك لستر فيه، وهو أن من تعاطى ما نهي عنه يصير مظلم القلب


(١) هو القباري، قال الحافظ في "الفتح" (١/ ١٢٧): وقال ونقل ابن المنير في مناقب شيخه القباري عنه، أنه كان يقول: المكروه عقبة بين العبد والحرام، فمن استكثر من المكروه تطرق إلى الحرام، والمباح عقبة بينه وبين المكروه، فمن استكثر منه تطرق إلى المكروه. وهو منزع حسن، ويؤيده رواية ابن حبان من طريق ذكر مسلم إسنادها، ولم يسق لفظها، فيها من الزيادة: "اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال، من فعل ذلك استبرأ لعرضه ودينه، ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه".
(٢) (١/ ١٢٧ - ١٢٨) حيث قال: "والذي لي رجحان الوجه الأول ... ، ولا يبعد أن يكون كل من الأوجه مرادا، ويختلف ذلك باختلاف الناس: فالعالم الفطن لا يخفى عليه تمييز الحكم فلا يقع له ذلك إلا في الاستكثار من المباح أو المكروه كما تقرر قبل، ودونه تقع له الشبهة في جميع ما ذكر بحسب اختلاف الأحوال، ولا يخفى أن المستكثر من المكروه تصير فيه جرأة على ارتكاب المنهي في الجملة، أو يحمله اعتياده ارتكاب المنهي غير المحرم على ارتكاب المنهي المحرم إذا كان من جنسه، أو يكون ذلك لشبهة فيه وهو أن من تعاطى ما نهي عنه يصير مظلم القلب لفقدان نور الورع فيقع في الحرام ولو لم يختر الوقوع فيه .. ".