للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره في هذا الباب ..

ولهذا عظم العلماء (١) [١٣] أمر هذا الحديث فعدوه رابع أربعة تدور عليها الأحكام كما نقل عن أبي داود (٢) وغيره. وقد جمعها من قال (٣) شعرا:


(١) قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢٧ - ٣٠): "أجمع العلماء على عظم وقع هذا الحديث وكثرة فوائده وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، قال جماعة: هو ثلث الإسلام وأن الإسلام يدور عليه وعلى حديث "إنما الأعمال بالنية" وحديث "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
وقال أبو داود: يدور على أربعة أحاديث، هذه الثلاثة وحديث "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" وقيل: حديث: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد ما في أيدي الناس يحبك الناس".
وإنما نبه أهل العلم على عظم هذا الحديث، لأن الإنسان إنما يعتبر بطهارة قلبه وجسده، فأكثر الذم والمحظورات إنما تنبعث من القلب، فأشار - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لإصلاحه على أن صلاحه هو صلاح الجسد، وأنه الأصل وهذا صحيح، يؤمن به حتى من لا يؤمن بالشرع، وقد نص عليه الفلاسفة والأطباء. والأحكام والعبادات التي ينصرف الإنسان عليها بقلبه وجسمه، تقع فيها مشكلات وأمور ملتبسات التساهل فيها وتعويد النفس الجرأة عليها يكسب فساد الدين والعرض أعظم قبولا، فأخبر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الملوك لهم حمية، لا سيما وهكذا كانت العرب تعرف في الجاهلية أن العزيز فيهم يحمي مروجا وأبنية، فلا تجاسر عليها، ولا يدنى منها، مهابة من سطوته، وخوفا من الوقوع في حوزته، وهكذا محارم الله - سبحانه - من ترك منها ما قرب فهو من متوسطها أبعد ومن تحامى طرف الشيء أمن عليه أن يتوسط، ومن طرف توسط، وهذا كله صحيح.
وانظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٥/ ٢٨٥).
(٢) وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم" (ص ٦): "وعن أبي داود قال: نظرت في الحديث المسند، فإذا هو أربعة آلاف حديث، ثم نظرت فإذا مدار الأربعة آلاف حديث على أربعة أحاديث: حديث النعمان بن بشير "الحلال بين والحرام بين" وحديث عمر "إنما الأعمال بالنيات" وحديث أبي هريرة: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين" وحديث: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" قال: فكل حديث من هذه الأربعة ربع العلم".
(٣) الحافظ أبي الحسن طاهر بن مفوز المعافري الأندلسي، تلميذ أبي عمر بن عبد البر وخصيصه. كما ذكره الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم" (١/ ٦٣).