للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمدة الدين عندنا كلمات ... مسندات من قول خير البرية

اترك الشبهات وازهد ودع ... ما ليس يعنيك واعملن بنيه

والإشارة بقوله "ازهد" إلى الحديث المذكور قريبا. وكذلك قوله "ودع ما ليس يعنيك". أراد به الحديث المشهور بلفظ: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (١)، وأشار بقوله: "واعملن بنية" إلى حديث: "إنما الأعمال بالنيات" (٢). والمشهور عن أبي داود أنه عد حديث "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" (٣) مكان حديث "ازهد" المذكور. وعد حديث الشبهات بعضهم ثالث ثلاثة وحذف الثاني.

وأشار ابن العربي إلى أنه يمكن أن ينتزع من الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه جميع الأحكام. قال القرطبي (٤) لأنه اشتمل على التفصيل بين الحلال وغيره، وعلى تعلق جميع الأعمال بالقلب، فمن هنا يمكن أن ترد جميع الأحكام إليه.

فعرفت بما أسلفنا أن الورع الذي يعد الوقوف عنده زهدا واتقاء للشبهة ليس هو ترك جميع المباحات، لأنها من الحلال المطلق، بل ترك ما كان منها مدخلا للحرام،


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٠١) والترمذي رقم (٢٣١٨) وقال: وهكذا روى غير واحد من أصحاب الزهري، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، نحو حديث مالك مرسلا ... إلى أن قال: وعلي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب ورواه مالك في الموطأ رقم (١٦٢٩) والحديث ضعيف لإرساله.
وأخرجه الترمذي رقم (٢٣١٧) وابن ماجه رقم (٣٩٧٦) من حديث أبي هريرة. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا من هذا الوجه. الخلاصة: أن الحديث حسن بمجموع طرقه.
(٢) أخرجه البخاري رقم (١) ومسلم رقم (١٩٠٧) وأبو داود رقم (٢٢٠١) والترمذي رقم (١٦٤٧) والنسائي رقم (٧٥ - ٣٤٣٧، ٣٧٩٤) وابن ماجه رقم (٤٢٢٧)، وأحمد (١/ ٢٥، ٤٣).
(٣) تقدم آنفا.
(٤) انظر المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٤/ ٤٨٨ - ٤٩٠).