للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حال حياته، أو يقدم قضاء الدين على الكفن بتقديم الدين على الكفن بتقديم الدليل العقلي على قول من يقول به، لأنه لا تضرر من الميت في تلك الحال بخلاف صاحب الدين، فالتضرر معه حاصل، فكيف يجوز اتقاء الشبهة مع تضيق الحادثة! والاتقاء يؤدي إلى حرمان الميت وأهل الدين جميعا!؟. انتهى.

أقول: إن كان التردد الناشئ عن تعارض الأدلة حاصلا للمجتهد فالمقام شبهة بلا شك، وعليه أن يقف عند ذلك، ولم يكلفه الله أن يفتي بلا علم، إنما تعبد الله بالفتيا والحكم من كان يعلم الحق، وهذا المتردد لا يعلم الحق ولا يظنه لتعارض الأدلة، فلم يحصل له مناط الاجتهاد، وليست هذه الحادثة بمتضيقة عليه، لأنه في الحكم من لا يعلم، هذا إذا كان يرى في اجتهاده عدم جواز التقليد لمثله، وإن كان يرى جواز التقليد إذا عرض مثل ذلك عمل باجتهاده في جواز التقليد له، وقلد من يراه أولى بالتقليد من المختلفين في المسألة من العلماء، فإنه لا يخفى على مثله من هو أولى بالتقليد، وإن كان لا يرى جواز التقليد لمثله فلا يجوز له الإقدام على مثل ذلك الأمر، لأنه إن أقدم أقدم بلا علم، ولم يكلف الله من لا علم عنده [٢٥] أن يقدم على ما لا يعلم بل نهاه عن ذلك في كتابه العزيز (١)، وعلى لسان رسوله - (٢) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وليست تلك الحادثة بمتضيقة عليه، إنما تتضيق على من يجد منها فرجا ومخرجا.

وأما من لا فرج له عنده ولا مخرج فوجوده بالنسبة إليها كعدمه. وهذا الكلام لا بد


(١) قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) [الإسراء: ٣٦]. وقال سبحانه تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) [النحل: ١١٦].
(٢) منها: ما أخرجه أبو داود رقم (٣٦٥٧) وابن ماجه رقم (٥٣) والدارمي (١/ ٥٧) والحاكم (١/ ١٢٦) من حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من أفتى بفتيا من غير ثبت، فإنما إثمه على من أفتاه". وهو حديث حسن.