للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والغزالي، والرازي أنه ليس بإجماع، ولا حجة، وهذا هو المذهب الحق إن أمعنت النظر، لكثرة الاحتمالات الحاملة على السكوت من عدم قول لهم في ذلك، أو كان لهم ولم ينقل، أو عدم تمام النظر، أو الوقف لتعارض الأدلة، أو للتوقير أو التعظيم، أو للهيبة أو للفتنة، أو نحو ذلكك، والقول بأن هذه الاحتمالات خلاف الظاهر.

وذهب أبو هاشم، أبو الحسن الكرخي، والآمدي، وابن الحاجب، ومن الأئمة أحمد بن سليمان، والمؤيد بالله أحمد بن الحسين إلى أنه حجة ظنية، ولم يذهب إلى أنه حجة قطعية إلا أحمد بن حنبل، وبعض الحنفية، والشافعية، وهو مذهب مرجوح، ومع هذا فالظاهر عدم حجية مطلق الإجماع (١) وليس هذا محل إييراد ما يرد على أ دلته مع هذا ضعفها من المنع والنقض والمعارضة، ولا موضع إبراز الأدلة القوية على امتناع نقل الحكم إلى أهل الإجماع، وامتناع العلم به، ونقله إلى من تحتج به.

والعجب من الرواية السابقة على أحمد بن حنبل، وجعله من القائلين بأن الإجماع السكوتي (٢) حجة قطعية، وقد صح عنه القول بامتناع العلم (٣).بمطلق الإجماع عادة.


(١) انظر: «المنخول» (ص٣٠٣) تيسير التحرير» (٣/ ٢٢٧ن). «إرشاد الفحول» (ص٢٦٩).
(٢) الإجماع السكوتي: هو أن ينقل عن أهل الإجماع قول أو فعل، مع نقل رضاء الساكتين حتى أنهم لو أفتوا لما أفتوا إلا به، ولو حكموا لم يحكموا إلا به
ويعرف رضاؤهم: بعدم الإنكار مع الاشتهار، وعدم ظهور حامل لهمعلى السكوت، وكونه من المسائل الاجتهادية.
ولا سيما أن الظن بالمجتهدين أنهم لا يحجمون عن إبدائهم إظهارًا للحق، وإن لقا من جراء ذلك العنت والضيق.
وأما إذا لم نتمكن من معرفة دلالة السكوت على الرضا ولا من انتفاء موانع التصريح فلا يعتبر ما حصل الإجماع والضيق.
وأما إذا لم نتمكن من معرفة دلاالة السكوت على الرضا ولا من انتفاء موانع التصريح فلا يعتبر ما حصل الإجماع المراد.
انظر: «حجية الإجماع» الفرغلي (ص١٦٨ - ١٧٣)، «إرشاد الفحول» (ص٢٧١).
(٣) قال ابن تيمية في «المسود» (ص٣١٥ - ٣١٦): الذي أنكره أحمد دعوى إجماع المخالفين بعد الصحابة أو بعدهم وبعد التابعين، أو بعد القرون الثلاثة المحمودة، ولا يكاد يوجد في كلامه احتجاج بإجماع بعد عصر التابعين أو بعد القرون الثلاثة، مع أن صغار التابعين أدركوا القرن الثالث، وكلامه في إجماع كل عصر إنما هو من التابعين، ثم هذا نهي عن دعوى الإجماع العام النطقي وهو كالإجماع السكوتي، أو إجماع الجمهور من غير علم بالمخالف، فإنه قال في القراءة خلف الإمام: ادعى الإجماع في نزل الآية وفي عدم الوجوب في صلاة الجهر، وإنما فقهاء المتكلمين كالمريسي والأصم يدعون الإجماع ولا يعرفون إلا قول أبري حنفية ومالك، ونحوهما، ولا يعملون أقوال الصحابة والتابعين، وقد ادعى الإجماع في مسائل الفقه غير واحد مثل مالك ومحمد بن الحسن والشافعي وأبي عبيد في مسائل وفيها خلاف لم يطلعوا عليه