١ - حمل ما روي عنه من الإنكار على الورع، وممن حمله على الورع القاضي أبو يعلى وأبو الخطاب. ومن تابعهما من الحنابلة وغيرهم وقد استندوا في حملهم هذا إلى ما ورد في رواية أبي طالب، وقو أحمد فيها: لا أعلم فيه اختلافا فهو أحسن من قوله: إجماع. ٢ - حمل ما روي عنه من الإنكار على من ليس له معرفة بخلاف السلف وهذا أيضًا من المحامل التي ذكرها القاضي وأبو الخطاب، وحاصل هذا أن من لم يعلم الخلاف لا يجوز له أن يدعي الإجماع لأنه قد يكون هناك خلاف لم يعرفه ووجود الخلاف يناقض الإجماع. ٣ - أن الأصوليين من الحنابلة لم ينقل عن أحد منهم إنكار الإجماع وأنه لا يحتج به ولا يصار إليه كما هو موجود في كتبهم. ٤ - أن كتب الفروع لدى الحنابلة فيا الاحتجاج على كثير من المسائل بإجماع الأمة وغالبا ما يقال: هذه المسألة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع ويبنون ذلك. انظر: «أصول مذهب الإمام أحمد» (ص٣٦٠) «البحر المحيط» (٤/ ٤٣٩)، الكوكب المنير» (٢/ ٢١٣). (٢) [النحل: ٤٣]، [الأنبياء:٧]. (٣) قال ابن الجوزي في «زاد المسير» (٤/ ٤٤٩): نزلت الآية في مشركي مكة حيث أنكروا نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرًا، فهلا بعث إلينا ملكا، فرد الله تعالى عليهم بقوله: {وما أرسلنا من قبلك} إلى الأمم الماضية يا محمد {إلا رجالا} آدمين {فسئلوا أهل الذكر}. أي العلماء بالتوراة والإنجيل وأخبار من سلف يخبرونكم أن جميع الأنبياء كانوا بشرا {إن كنتم إلا تعلمون} أن الله بعث محمدًا رسولًا من البشر. قلت: إن الآية ورادة في سؤال خاص خارج عن محل النزاع كما يفيد السياق وإن قيل الغيرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، قلنا أن المأمور بسؤالهم هم أهل الذكر، والذكر هو القرآن والسنة كما ذكره الله في قوله مخاطبا نساء رسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة [الأحزاب: ٣٤]. وآياته: القرآن، والحكمة، والسنة، فالأمر في الآية للجاهل أن يسال أهل القرآن والحديث عنهما ليخبروه فإذا أخبروه به. فالآية حجة على المقلدة، وليست بحجة لهم، لأن المراد أنهم يسألون أهل الذكر ليخبروهم به، فالجواب من المسؤولين أن يقولوا قال الله كذا، وقال رسوله كذا، فيعمل السائلون بذلك. انظر::مجموع الفتاوى» (٢٠/ ١٥،٢٠٣)، «أعلام الموقعين» (٢/ ١٦٨).