الإصابة يوجب التساوي في الأجر، والحديث، والحديث الصحيح قد صرح بخلاف هذا، وصرح بالخطأ، فأي دليل على إصابة المخطئ!
وعلى الجملة فإن خطأ المخطئ في باب الاجتهاد عفو، واستحقاق الأجر لإبلاغ الجهد في طلب الحق، وذلك لا ينفك عن مشقة، والله جلال جلاله- لا يضيع عمل عامل، وعلى هذا فالقول بأن كل مجتهد مصيب (١) إن أريد من الصواب الذي لا ينافي الخطا فحسن , وإن أريد من الإصابة المنافية كما هو الظاهر من أرباب هذه المقالة فمردود بنص الحديث، سيأتي الكلام على المسألة، واستثنى الأدلة التصريح بالراجح منها عند تعرض المنصف لذلك، وأعني التصريح منه بأن كل مجتهد مصيب.
قوله: والمقلد لو ذهب كل مذهب إلخ
[٩]. أقول: إن أراد بهذا الذهاب ذهاب المقلد من تقليد إلى تقليد، فعدم خروجه عنه مسلم، وهو خارج عن محل النزاع، وإن أراد بهاذ الذهاب أعم من أن يكون ذهابا عن كل تقليد إلى غيره، أو عن بعضه إلى بعضه فهذا باطل للقطع بأن الذهاب عن التقليد إلى الاجتهاد خروج عن التقليد بالمرة.
اللهم إلا أن يكون هذا من المؤلف تشكيكا في عدم تسيير الاجتهاد ومنع من انفكاك كل أحد عن التقليد، فهذا مع كونه عائدا على غرضه من هذا التأليف بالنقض، لأن الحامل له على وضعه جواز التقليد المجتهدين أقل وأحقر من أني يعتني بتزييفه، وكلامه كالصريح بالمراد الأول، فإن المؤلف- رحمه الله- أجل من أن يقع في مثل ذلك.
(١) من قال كل مجتهد مصيب وجعل الحق متعددا بتعددا بتعدد المجتهدين فقد أخطأ خطا بينا وخلاف الصواب مخالفة ظاهرة فإن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- جعل المجتهدين قسمين قسما مصيبا وقسما مخطئا ولو كان كل واحد منهم مصيبا لم يكن لهذا التقسيم منى وهكذا من قال إن الحق واحد ومخالفة آثم فإن هذا الحديث الذي تقدم يرد عليه ردات ويدفعه دفعا ظاهرا لأن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- سمي من لم يوافق الحق في اجتهاد مخطئا ورتب على ذلك استحقاقه للأجر، انظر: «المعتمد» (٢/ ٩٤٩)» الفقيه والمتفقه» (٢/ ٦٠ وما بعدها).