للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: المراد بالشاذ هاهنا المنفرد بدين لا يشاركه فيه غيره، وهو المراد بقوله: إن الله يكره الواحداني كما فسره صاحب النهاية (١) بالمتوحد بدينه، المنفرد عن الجماعة، وليس المراد به أئمة الاجتهاد المكثورين بالنسبة إلى المخالفين كما في مسألتنا، فإن هذا مما لا يستجيز إطلاقه عليهم بهذا المعنى متدين.

وإني لعجب منك كيف تعجبت من رمي من مى جمهور هذه الأمة الآية والحخديث والسابقين، ووقعت فلي مثل ذلك قبل جفاف القلم، مع تصريحك بأن المجتهد إنما عمل بما هو مفروض من العلم، بما أدى إليه اجتهادهن حتى قلت: فعمله بذلك هو الواجب عليك قطعا، وصرحت سابقا ولاحقا بن كل مجتهد مصيب، وأنت مسلم أن هؤلاء، لم يخالفوا الإجماع، وهل هذه إلا مناقضة ظاهرة!.

قوله: المقلد دينه وشريعته قول أي عالم إلخ.

أقول: دين المقلد دين الله، وشريعته، شريعة الله، وما شرعه الله [١١] من الدين ليس بخاص بالأئمة المجتهدين، بل عام للقاصر والكامل، والمتحلي بمعارف العلوم والعاطل، إلا أن فرض المقصر الذي لا يعقل الحجة إذا جاءته أن يسأل أولي العلم عن المراد بها، لا عن أقوالهم الاجتهادية، وقد صرح- الله جلال جلاله- بهذا فقال: {فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} (٢) فأوجب عليه السؤال عن نص الشريعة، لا عن الآراء المخترعة، ويالله العجب من تخصيص العمومات من الكتاب والسنة والقاضية


(١) ابن الأثير (٣/ ٤٢٦).
(٢) [النحل: ٤٣]، [الأنبياء: ٧]