أقول: هذه دعوى باطلة، بل كل من قال بالمنع من التقليد كمعتزلة بغداد، كما حكى ذلك عنهم المحقق ابن الإمام في شرح الغاية، وكذا حكاه غيره (١) عنهم، وقد قال به الجعفران كما رواه جماعة عنهما، قائل بوجوب اتباع الدليل على المقلد، لكنه لما كان مسلوب الأهلية وجب عليه أن يستروي من حصلت له، فكيف يتم للمؤلف دعوى الاتفاق! اللهم إلا أن يريد بقوله: وترك أقوال الناس أعم مما نحن بصدده أعني أقوالهم الشاملة للرواية، والرأي، والتفسير، والتصحيح، فمثل هذا لا يستغنى عنه المجتهد في جمعي الأعصار، فما هذه المساهلة في حكاية إجماع المسلمين، الذي هو حجة على العباد! وما هذه الترويج- على المقصرين- الشاط عن سبيل الرشاد والسداد! لا جرم لهوى النفس سريرة لا تعلم.
قوله: لم أجده إلا تحرجا عظيما إلخ.
أقول: إن كان هؤلاء العامة من أهل زماننا لا يسعهم ما وسع عوام الصحابة فمن بعدهم، وكان هدي أولئك الأفاضل تحرجا على هؤلاء، فلا فرج الله عنهم هذا التحريج، ولا وسع لهم هذا المضيق.
وهنا مظنة سؤال لعلك تتفطن له وتقول: فرق بين عوام الصحابة وغيرهم، فإنهم غير محتاجين إلى ما يحتاج إليه هؤلاء، لأن أولئك أهل اللسان العربية والأذهان والسيالة، والفطر القويمة، فنقول: نحن لا نعني بعوام الصحابة من أحاط بالقرآن حفظا، واستكثر من حفظ السنة النبوية، فإنه مجتهد، لأن جميع المعارف حاصلة كما ذكرت، وإنما نعني