للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد بلغوا مقدار ما جهدوا له ... وكل عليه جهده في الشريعة

فإن أخطؤوا شيئا فربك عالم ... بما أضمروه من صحيح العقيدة

وأنت فقد أخطأت حين جعلتهم ... سبيل هدى في رخصة أو عزيمة

وليته اقتصر على هذه الأبيات التي صرح فيها بالمذهب الحق وسلم من هذا التهافت الذي جمعه في هذه الورقات، ولقد كنت أستحسن هذه القصيدة لاشتمالها على أطراف من النصح الصحيح، حتى حداني ذلك إلى تذييلها بقريب من مثليها، وقد ذكرت في أول هذه الرسالة جملة من ذلك.

قوله فإن يكن عند أحد من علمائنا نص إلى قوله فليظهره.

أقول: لا يشك من له أدنى تمييز أن النصوص القرآنية والحديثية الدالة على وجوب اتباع الكتاب والسنة على كل فرد من أفراد العباد قد بلغت مبلغا تقصر عنه العبارة، والعلم بها قدر مشترك بين العاصي والعالم، هؤلاء المقلدة الذين تبرعت [١٤] بالمفاضلة عنهم داخلون تحت تلك العمومات دخولا لا ينكره من له أنسة بمدلولات الألفاظ فإن ادعيت خروجهم عنها، وأو اختصاصها بالمجتهدين، فأبرز لنا دليل التخصيص، أو الاختصاص، وما أراك تجده.

قوله: وليس الاختلاف المذموم هو ما عليه الناس إلخ.

أقول: بل هو هو، لأن الخلاف المنهي عنه منسوب إلى الدين فحصول أي خلاف لفيه داخل تحت عموم الأدلة القاضية بالنهي نحو قوله تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} (١) وقوله: {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} (٢) إلى غير ذلك من الأدلة، وسنوردها إن شاء الله في هذه الرسالة، وعلى الجملة أنا نعلم أن الخلاف بين هذه الأمة قد يفضي في كثير من المسائل إلى التفاؤل بين العالمين


(١) الأنعام:١٥٩].
(٢) الشورى:١٣.