للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تحليل عين وتحريمها، وإيجاب حكم وتحريمه، ونحو ذلك، وهذا من الاختلاف في الدين بلا ريب.

قوله: منها أنه قد علم أن تكليف الله للمجتهدين إلخ.

أقول: لم يكلف الله تعالى المجتهد إلا بطلب الحق لا سواه، فإن ظفر به ضاعف له الأجر، وأن أخطأه فخطؤه عفوا وله أجر كما صرح بذلك الحديث الصحيح.

قوله: وهي الحجة في إصابة المجتهدين.

أقول: قد أشار- رحمه الله- إلى قول الله تعالى: {ما قطعتم من لينة أو تكرتموها قائمة على أصولها فبإذن الله} (١) وسنملي عليك ما إن تأملته حق تأمله عرفت عدم دلالة هذه الآية المطلوب.

أما أولا فقد وقع الاخلاف بين المفسرين في سبب النزول في هذه الآية، فمنهم من يقول: جزم بأن السبب أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أمر بالقطع قيل له: كيف نفعل وقد نهينا عن الفساد! فنزلت، وهي على هذا خارجة عن محل النزاع.

ومنهم من (٢) قال: إنها نزلت في شأن الصحابيين الذين اختلفا، فأخذهما أفسد بالقطع، والآخر أصلح واجتهد في التقويم، وعلى هذا التفسير قيل: إنها من أدلة التصويب المدعى، وقد ذكر الأئمة في سبب نزول الآية أسبابا منها ما ذكره االواحدي في أسباب النزول (٣) قال بعد أن ذكر الآية ما لفظه: ولك أن رسول الله- صلى الله عليه آله وسلم- لما نزل بيني النضير، وتحصنوا في حصونهم أمر بقطع نخيلهم وإحراقها، فجزع أعداء الله عند ذلك، وقالوا: زعمت يا محمد أنك تريد الصلاح، أفمن الصلاح عقر الشجرة المثمرة، وقطع النخيل؟ وهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في


(١) [الحشر: ٥].
(٢) أخرجه بن جرير في «جامع البيان» (١٤/جـ ٢٨/ ٣٤).
(٣) (ص: ٤١٧).