للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكور، وهو المطلوب وادعاء عودة على منكري الاختلاف ممنوع، والسند أن اختلاف المختلفين في الدين مني عنه، وكل منهي عنه منكر، فاختلاف المختلفين في الدين منكر.

وإذا ثبت أن هذا الاختلاف منكر فكل منكر يجب إنكاره، فهذا الاختلاف يجب إنكاره وهو المطلوب، فما وقع من العلماء من تقبيح الاختلاف من باب المنكر، لا من باب الاختلاف المنهي عنه، ولو كان من باب الاختلاف المنهي عنه لانسد باب إنكاره المنكر وهو باطل.

قوله: ومنها أن الأمة من عهد الصحابة إلى الآن، إلى قوله فيبعد أن يكون المراد.

أقول: أراد المؤلف بهذا ابحث الاحتجاج بالإجماع من الصحابة فمن بعدهم، على تجويز الاختلاف (١) بين الأمة المعلوم بالضرروة، وعلى التصويب المدعى، وهذه الحجة أنهض حجة جاء بها أهل هذه المقالة، وهي دعوى لا تتفق عند من له أدنى تمييز للقطع بصدور الإنكار للخلاف من الصحابة فمن بعدهم إلى عصرنا هذا والتصريح بتخطئة بعضهم بعضا حتى جزم جماعة بأن ذلك أعنى التخطية إجماع الصحابة، وممن جزم بذلك المحقق ابن إمامة في الغاية.


(١) قيل: إن الصحابة رضي الله عنهم قد اختلفوا وهم أفاضل النسا أفيلحقهم الذم المذكور؟؟.
قال ابن حزم في «الإحكام في أصول الأحكام» (٥/ ٦٧ - ٦٨): كلا ما ليلحق أولئك شيء من هذا، لأن كل أمرئ منهم تحرى سبيل الله، ووجهه الحق فالمخطئ منهم مأجور أجرا واحدا لنيته والجملية في إدراة الخير، وقد رفع عنهم الإثم في خطئهم لأنهم لم يتعمدوه ولا قصدوه، ولا استهانوا بطلبه والمصيب منهم مأجور أجرين، وهكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين ولم يبلغه، وإنما الذم المذكور والوعيد الموصوف، لمن ترك التعلق بحبل الله تعالى الذي هو القرآن وكلام النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بعد بلوغ النص إليه، وقيام الحجة به عليه، وتعلق بفلان وفلان مقلدا عامدًا للاختلاف داعيا إلى عصبية وحمية الجاهلية قاصد للفرقة متحريا في دعواه برد القرآن والسنة إليها، فإن وافقها النص أخذ بها وإن خالفها تعلق بجاهليته وترك القرآن وكلام النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فهؤلاء المختلفون المذمومون».