للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤال) (١) وكذلك حديث العسيف الذي زنى بامرأة مستأجرة فقال أبوه أني سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وأن على امرأة هذا الرجم، وهو حديث ثبت في الصحيح (٢) قالوا فلم ينكر عليه تقليد من هو أعلم منه.

(الجواب): أنه لم يرشدهم- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في حديث صاحب الشحة إلى السؤال عن آراء الرجال بل أرشدهم إلى السؤال عن الحكم الشرعي الثابت عن الله ورسوله، ولهذا دعا عليهم لما أفتوا بغير علم فقال [- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-]: «قتلوه قتلهم الله» مع أنهم قد أفتوا بآرائهم فكان الحديث حجة عليهم لا لهم، فإنه اشتمل على أمرين. أحدهما: الإرشاد لهم إلى السؤال عن الحكم الثابت بالدليل. والآخر الذم لهم على اعتماد الرأي والإفتاء به، وهذا معلوم لكل عالم فإن المرشد إلى السؤال هو رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وهو باق بين أظهرهم فالإرشاد منه إلى السؤال وأن كان مطلقا ليس المراد به إلا سؤاله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أو سؤال من يسأله أو سؤال من قد علم هذا الحكم منه.

والمقلد كما عرفت سابقا لا يكون مقلدا إلا إذا لم يسأل عن الدليل أما سأل عنه فليس بمقلد فكيبف يتم الاحتجاج بذلك على جواز التقليد [٢] وهل يحتج عاقل على ثبوت شيء بما ينفيه وعلى صحة أمر بما يفيد فساده فأنا لا نطلب منكم معشر المقلدة إلا


(١) وهو حديث حسن بشواهده. أخرجه أبو داود رقم (٣٣٦) والبيهقى (١/ ٢٢٨) والدارقطنى (١/ ١٨٩ - ١٩٠) وله شاهدان عن ابن عباس
الأول: أخرجه أبو داود رقم (٣٣٧) وابن ماجه رقم (٥٧٢). وهو حديث حسن.
الثاني: أخرجه الحاكم (١/ ١٧٨) والدرقظني (١/ ١٩٠).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٦٨٥٩) ومسلم رقم (١٦٩٧،١٦٩٨) ومالك في «الموطأ «(٢/ ٨٢٢ رقم ٦) والترمذي رقم (١٤٣٣) وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود رقم (٤٤٤٥). والنسائي (٨/ ٢٤٠رقم ٥٤١٠) والشافعي في (الرسالة «(ص ٢٤٨ فقرة رقم ٦٩١).