للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نوحى إليهم من أهل القرى} (١)

وعلى فلاض أن المراد السؤال العام فالمأمور بسؤالهم هم أهل الذكر وهو كتاب الله وسنة رسوله لا غيرهما، ولا أظن مخالف في هذا لأن هذه الشريعة المطهرة هى إما من الله عز وجل وذلك هو القرآن الكريم، أو من رسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وذلك هو السنة المطهرة ولا ثالث لذلك.

وإذا كان المأمور بسؤالهم هم أهل القرآن والسنة فالآية المذكورة حجة على المقلدة وليست بحجة لهم لهم لأن المراد أنهم يسألون أهل الذكر ليخبروهم به، فالجواب من المسؤولين أن يقولوا قال الله كذا قال رسوله كذا فيعمل السائلون بذلك وهذا هو غير ما يريده المقلد المستدل بالآية الكريمة فإنه إنما استدل بها على جواز ما هو فيه من الأخذ بأقوال الرجال من دون سؤال فإن سؤال عن الدليل فإن هذا هو التقليد، ولهذا رسموه بأنه قبول قول الغير من دون مطالبته بحجة (٢).

فحاصل التقليد أن لا يسأل عن كتاب الله لا عن سنو رسوله بل يسأل عن مذهب إمامه، فإذا جاوز ذلك إلى [١] الشؤال عن الكتاب والسنة فليس بمقلد، وهذا يسلمه كل مقلد ولا ينكره. وإذا تقرر بهذا أن المقلد إذا سأل أهل الذكر عن كتاب الله وسنة رسوله لم يكن مقلد علمت أن هذه الآية الشريفة- على تسليم أن السؤال ليس عن الشيء الخاص الذي يليه السياق بل عن كل شيء من الشريعة كما يزعمه المقلد- تدفع في وجهه وترغم أنفه وتكسر ظهره كما قررناه.

[٢]: ومن جملة ما استدلوا به ما ثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في حديث صاحب الشجة (ألا سالوا إذا لم يعلموا إنما شفاء العي ..........


(١) [يوسف: ١٠٩]
(٢) انظر: «أساس ابلاغة» (ص ٧٨٥)، «معجم اللغة «(٥/ ١٩).
وانظر: «الكوكب المنير» (٤/ ٥٣٠)