للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخالفة فيما عدا تلك المسألة، وأين هذا مما يفعله المقلدون من تقليد العالم في جميع أمور الشريعة من غير التفات إلى دليل ولا تعريج على تصحيح أو تعديل.

وبالجملة فلو سلمنا [٤] أن ذلك تقليد من عمر كان دليلا للمجتهد إذا لم يمكنه الاجتهاد في مسألة، وأمكن غيره من المجتهدين فيها إذا أنه يجوز لذلك المجتهد أن يقلد المجتهد الآخر ما دام غير متكمن من الاجتهاد فيها إذا تضيقت عليه الحادثة. وهذه مسألة أخرى غير المسألة التى يريدها المقلد، وهى تقليد عالم من العلماء في جميع المسائل الدين وقبول رأيه دون روايته وعدم مطالبته بدليل، وترك النظر في الكتاب والسنة، والتعويل على ما يراه من هو أحقر الآخذين بهما، فإن هو عين اتخاذ الأحبار والرهبان أربابا كما سيأتيك بيانه.

وأيضا لو فرض ما زعمه من الدلالة لكان ذلك خاصا بتقلي علماء الصحابة في مسألة من المسائل فلا يصح إلحاق غيرهم لهم لما تقرر من المزايا التي للصحابة البالغة إلى حد بقصر عنه الوصف حتى صار مثل جبل أحد من متأهري الصحابة لا يعدل المد من متقدميهم ونصيفه (١) وصح أنهم خير القرون (٢) فكيف يلحق بهم غيرهم! وبعد اللتيا والتي (٣) فما أوجدتمونا نصا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-


(١) يشير إلى الحديث الذي أخرجة البخاري رقم (٣٦٧٣) وأبو داود رقم (٤٦٥٨) والترمذي رقم (٣٨٦١).
من حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «لا تسبوا أحدا من أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه»
(٢) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (٢٦٥٢) ومسلم رقم) ومسلم رقم (٢٥٣٣) وقد تقدم مرارا.
(٣) وتصغير التي واللآتي واللآت اللتيا واللتيا، بالفتح والتشديد قال العجاج:
دافع عني بنقير قوتي.
بعد اللتيا واللتيا والتي.
إذا علتها نفس تردت.
قيل: أراد العجاج باللتيا تصغير التي، وهي الداهية الصغيرة، والتي الداهية الكبيرة، وتصغير اللواتي اللتيات واللويات.
ويقال: وقع فلان في اللتيا والتي، وهما اسمان من أسماء الداهية.»
لسان العرب «(١٢/ ٢٣٤)