للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصد وهدى ونور وأنت لم تسأله إلا عن ذلك.

ثم نقول لك أيها المقلد ما بالك تعترف في كل مسألة من مسائل الفروع (١) التي أنت مقلد فيها بأنك لا تدري ما هو احلق فيها ثم لما أرشدناك إلى ما أنت عليه من التقليد غير جائم في دين الله أقمت نفسك مقامًا لا تستحقه ونصبت نفسك في منصب لم تتأهل له فأخذت في المخاصمة والاستدلال لجواز التقليد وجئت بالشبهة الساقطة التي قد قدمنا دفعها في هذا المؤلف فهلا نزلت نفسك في هذه المسألة الأصولية العظيمة المتشعبة [٥٤] تلك المنزلة التي كنت تنزلها في مسائل الفروع فمالك وللنزول في منازل الفحول والسلوك في مسالك أهل الأيدي المتبالغة في الطول، فما هلك امرؤ عرف قدر نفسه فقل هاهنا لا أدري إنما سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فنقول هكذا سيكون جوابك لنكير ومنكر بعد أن تقبر ويقال لك لا دريت ولا تليت كما ثبت بذلك النص الصحيح (٢) وإذا كنت معترفًا بأنك لا تدري فشفاء (٣) العي السؤال فاسأل من تثق بدينه وعلمه وإنصافه في


(١) انظر: «المسودة» (٤٥٨ - ٤٦٠)، «تنقيح الفصول» (ص٤٤٢)، «الكواكب المنير» (٤/ ٥٣٩).
(٢) يشير إلى الحديث الذي أخرجه أبو داود رقم (٤٧٥١) عن أنس بن مالك، قال: إن نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل نخلا لبني النجار، فسمع صوتا ففزع، فقال: «من أصحاب هذه القبور؟» قالوا: يا رسول الله ناس ماتوا في الجاهلية، فقال: «تعوذوا باله من عذاب النار، ومن فتنة الدجال» قالوا ومم ذلك يا رسول الله؟ قال: «إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول له: ما كنت تعبد؟ فإن الله هداه قال: كنت أعبد الله، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبد الله ورسوله، فما يسأل عن شيء غيرها، فينطلق به إلى بيت كان له في النار فيقال له، هذا بيتك كان لك في النار ولكن الله عصمك ورحمك فأبدلك به بيتا في الجنة، فيقول: دعوني حتى أذهب فأبشرأهلي، فيقال له: اسكن، وإن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له: ما كنت تعبد؟ فيقول: لا أدري فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيقال له: فما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: كنت أقول ما يقول الناس، فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه، فيصبح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين».
وهو حديث صحيح.
(٣) تقدم تخريجه.