هذا إن كان ذلك المقلد يدعي إن إمامه على حق في جميع ما قاله وإن كان يقر بأن في قوله الحق والبالط وأنه بشرٌ يخطئ ويصيب لا سيما في محض الرأي الذي هو على شفا جرف هار فنقول له إن كنت قائلًا بهذا فقد أصبت وهو الذي يقوله إمامك لو سأله سائل عن مذهبه وجميع ما دونه من مسائله، ولكن أخبرنا ما حملك أن تجعل ما هو مشتمل على الحق والباطل قلادة في عنقك وتلتزمه وتدين به غير تارك لشيء منه فإن الخطأ من إمامك قد عذره الله فيه بل جعل له أجرًا في مقابلته كما تقدم تقريره لأنه مجتهد وللمجتهد إن أخطأ أجرٌ كما صرح بذلك رسول (١) الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فأنت من أخبرك بأنك معذور في اتباع الخطأ؟ وأي حجة قامت لك على ذلك، فإن قلت إنك لو تركت التقليد وسألت أهل العلم عن النصوص لكنت غير قاطع بالصواب بل يجتمل أن الذي أخذت به وسألت عنه هو حق ويحتمل أنه باطل فنقول ليس الأمر كذلك فإن التمسك بالدليل الصحيح كله حق وليس شيء منه بباطل، والمفروض أنك ستسأل عن دينك في عباداتك ومعاملاتك علماء الكتاب والسنة وهم أتقى الله من [٥٣] إن يفتوك بغير ما سألت عنه فإنك إنما سألتهم عن كتاب الله أو سنة رسوله في ذلك الحكم الذي أردت العمل به، وهم بل جميع المسلمين يعلمون أن كتاب الله وسنة رسوله حق لا باطل وهدى لا ضلالة، ولو فرضنا أن المسؤول قصّر في البحث فأفتاك مثلا بحديث ضعيفٍ وترك الصحيح أو بالآية المنسوخة وترك المحكمة لم يكن ع ليك في ذلك بأس فإنك قد فعلت ما هو فرضك واسترويت أهل العلم عن الشريعة المطهرة لا عن آراء الرجال، وليس للمقلد أن يقول كمقالك هذا فيزعم أن إمامة أتقى الله من أن يقول بقول باطل لأنا نقول هو معترف أن بعض رأيه خطأ ولم يأمرك بأن تتبعه في خطئه بل نهاك عن تقليده ومنعك من ذلك كما تقدم تحريره عن أئمة المذاهب وعن سائر المسلمين، بخلاف من سألته عن الكتاب والسنة فأفتاك بذلك فإنه يعلم أن جميع ما في الكتاب والسنة حق