للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقّلد لا يدري بواحد من هذه الأمور على التحقيق بل لا يعرفها إلا المجتهد، وهكذا إذا سأله السائل سؤالاً مطلقًا من غير أن يقيِّده [٦٢] بأحد الأمور المتقدّمة فلا يحلّ للمقلد أن يفتيه بشيء من ذلك لأن السؤال المطلق ينصرف إلى الشريعة المطهّرة لا إلى قول قائل أو رأي صاحب رأي. وأما إذا سأله سائل عن قول فلان أو رأي فلان (١) أو ما ذكره فلان فلا بأس بأن ينقل له المقلد ذلك ويرويه له إن كان عارفًا بمذهب (٢) العالم الذيب وقع السؤال عن قوله أو رأيه أو مذهبه، لأنه سئل عن أمر يمكنه نقله وليس ذلك من التقول على الله بما لم يقل ولا من التعريف بالكتاب والسنة، وهذا التفصيل هو الصواب الذي لا ينكره منصف.

فإن قلت هل يجوز (٣) للمجتهد أن يفتي من سأله عن مذهب رجل معيِّن وينقله له.

قلت يجوز ذلك بشرط أن يقول بعد نقل ذلك الرأي أو المذهب إذا كانا على غير الصواب مقالاً يُصرح به أو يلوح أن الحق خلاف ذلك فإن الله أخذ على العلماء البيان للناس وهذا منه لا سيما إذا كان يعرف أن السائل سيعتقد ذلك الرأي المخالف للصواب وأيضًا في نقل هذا العالم لذلك المذهب المخالف للصواب وسكوته عن اعتراضه إيهام للمقصرين بأنهه حق وفي هذا مفسدة عظيمة فإن كان يخشى على نفسه من بيان فساد ذلك المذهب فليدع الجواب ويحيل على غيره، فإنه لم يسأل عن شيء يجب عليه بيانه فإن ألجأته الضرورة ولم يتمكن من التصريح بالصواب فعليه أن يصرح تصريحًا لا يبقى فيه شك لمن يقف عليه أن هذا مذهب فلان أو رأي فلان الذي سأل عنه السائل ولم يسأل عن غيره.

انتهى ما أردت تحريره بقلم مؤلفه محمد بن علي الشوكاني غفر الله له [٦٣].


(١) انظر: «إعلام الموقعين» (٤/ ٢٥٣ - ٢٧٣)
(٢) انظر: «إعلام الموقعين» (٤/ ٢٦١ - ٢٦٦).
(٣) انظر: «إعلام الموقعين» (٤/ ٢٦١ - ٢٦٦)