أو الأحياء، بل الواجب على كل واحد منهم أن يجتهد في جميع عباداته ومعاملاته، بحسب ما يترجح له بعد إعطاء النظر حقه، فما بال المشتغلين بالفروع -عافاهم الله- إذا سمعوا عن واحد من هؤلاء المجتهدين أنه قال أو فعل خلاف ما في الأزهار ينكرون ذلك عليه أشد إنكار! وهم يعلمون أنه ما فعل إلا ما هو واجبٌ عليه بنص الأزهار، وما ترك إلا ما لا يجوز له بنص الأزهار، فكيف وقعوا في هذه الورطة التي هي من الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف! وما هو الذي حملهم على هذا وأوقعهم في مخالفة ما يدعون الناس إليه، مع إكبابه عليه، ومعرفتهم له، وقطع أعمارهم في درسه وتدريسه؟ فهل سمعت بأعجب من هذا أو أغرب منه!؟ وهو أول درس يدرسه التلميذ عن شيخه، وأول بحث تقع عينه عليه من هذا الكتاب، فكيف غفلوا عنه ولم يعلموا ما يقتضيه! وصاروا ينكرون على من عمل به مع كونهم يقرون على أنفسهم بأنهم مقلدون! وقد عرفوا في هذا الكتاب الذي هو مدرسهم أن التقليد قبول قول الغير من دون حجة، وأن المقلّد هو الذي يقبل قلو الغير ولا يطالبه بحجة، فما بالهم (١)[١ب] لم يقبلوا قول هذا الإمام الذي صرح به في أول كتابه، وخالفوه في أول بحث ذكره في كتابه هذا وما أظنه ينكر هذا فرد من أفرادهم، ولا يأباه من قد عرف أول بحث من أبحاث هذا الكتاب منهم. فما يقول علماء الفروع -كثر الله فوائدهم- هل هذا الذي تعرض للاعتراض على المجتهدين آمر بالمنكر وناه عن المعروف أم لا؟ وهل يستحق العقوبة الشرعية إذا لم يتب أم لا؟ وهل يجوز السكوت عنه. مع استمراره على هذه المعصية أم لا؟ ولا يطلب منهم إلا لجواب مقتضى ما في الأزهار.
الأمر الثاني: أنهم يتعرّضون في مسائل الخلاف، وقد عرفوا أنَّ في الأزهار التصريح