(٢) يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٤٩) وأبو داود رقم (١١٤٠، ٤٣٤٠) والترمذي رقم (٢١٧٣) والنسائي (٨/ ١١١) وابن ماجه رقم (٤٠١٣) عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:» من رآى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». وهو حديث صحيح. (٣) لا خلاف بين أهل العلم في أن المجتهد - الذي توفرت الشروط في اجتهاده- إذا أصاب الحق له أجران، للحديث المتقدم، لكن المسألة التي وقع فيها نزاع بين العلماء هي: هل المجتهد - الذي توفرت الشروط في اجتهاده- المخطئ للحق، المخالف للصواب، معذور أو لا؟ وهل يأثم أولا يأثم؟. مذهب السلف من الصحابة رضي الله عنه والتابعين لهم بإحسان: أنهم لا يكفرون، ولا يفسقون، ولا يؤثمون أحدًا من المجتهدين المخطئين لا في مسألة فرعية ولا عملية، ولا في الأصول ولا في الفروع ولا في القطعيات ولا في الظنيات. انظر:» مجموع الفتاوى» (١٩/ ٢٠٧، ١٢٣، ١٤٢، ٢١٣، ٢١٦) وذلك له ضوابط منمها: ١ - أن يكون مع هذا المجتهد المخطئ مقدار ما من الإيمان بالله وبرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أما من لم يؤمن أصلًا فهو كافر، لا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد، لظهور أدلة الرسالة وأعلام النبوة. ولأن العذر بالخطأ حكم شرعي خاص بهذه الأمة. ٢ - أن يكون ذا نية صادقة في إرادة الحق والوصول إلى الصواب، أما أهل الجدل والمراء، وأصحاب الأغراض السيئة والمقاصد الخبيثة فلكل منهم ما نوى، والحكم في ذلك للظاهر والله يتولى السرائر. ٣ - أن يبذل المجتهد وسعه ويستفرغ طاقته، ويتقى الله ما استطاع ثم إن أخطأ لعدم بلوغ الحجة، أو لوجود شبهة، أو لأجل تأويل سائغ، فهو معذور ما لم يفرط. أما إن فرّط في شيء من ذلك فلم تبلغه الحجة بسبب تقصيره أو بلغته لكنه أعرض عنها لشبهة يعلم فسادها، أو تأوّل الدليل تأويلًا لا يسوغ فإنه والحالة كذلك لا يعذر، وعليه من الإثم بقدر تفريطه. انظر: «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٢٠٧ - ٢١٢) و (٦/ ٥٦ - ٦١). «منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد» (١/ ٢٤٦ - ٢٤٩).