اختلف في المباح هل هو مأمور به أو لا؟ على مذهبين: - المذهب الأول: أن المباح غير مأمور به من حيث هو مباح، وهو مذهب جماهير العلماء من فقهاء وأصوليين وهو الصحيح. - والدليل على ذلك «أن المباح غير مأمور به» هو أن حد الأمر «استدعاء وطلب الفعل بالقول على وجه الاستعلاء. وحد المباح هو ما أذن الله تعالى في فعله وتركه. فالفرق واضح بين أن يأذن لعبده في الفعل وبين أن يأمره به ويقتضيه منه وأنه إن أذن له فليس بمقتص له. فالأمر: اقتضاء الفعل من المأمور به والمطالبة به والنهي عن تركه على وجه ما هو أمر به، ومعنى الإباحة: تعليق الفعل المباح بمشيئة المأذون له في الفعل وإطلاق ذلك له. وإن ورد واستعمل الأمر في الإذن فهذا تجوز؛ لأن إطلاق لفظ الأمر على المباح ليس على سبيل الحقيقة؛ لأن الاسم الحقيقي للمباح: المأذون فيه، ويجوز إطلاق اسم الأمر عليه مجازًا من إطلاق اللازم على الملزوم؛ لأنه يلزم من خطاب الله تعالى بالتخيير فيه كونه مأمورًا باعتبار أصل الخطاب. مما تقدم يلزم أن المباح غير مأمور به. وهو الصحيح؟ المذهب الثاني: أن المباح مأمور به، وهو ما نسب إلى الكعبي وأبي الفرج المالكي وأبي بكر الدقاق. [سيأتي توضيحه وبيان أدلته لأنه محور الرسالة].