للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكتبوا له.

وثبت في الصحيح (١) أيضًا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعبد الله بن عمرو: "اكتب " لما استأذنه في كتابة الحديث، بل قد نهى القرآن عن يأبى الكاتب أن يكتب فقال: {ولا يأب كاتب ... } الآية (٢). وقد كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبعث بكتبه إلى الملوك (٣) في الأقطار النائية ثم يرتب على ذلك غزوهم وسفك دمائهم وسلب أموالهم وسبي ذراريهم، وهذا دليل على أن الحجة قد لزمتهم ببلوغ تلك الكتب، فلو كان الخط غير معمول به لم يرتب على الكتابة مثل هذه الأمور العظيمة، ومع هذا فإنهم لا يعرفون [٤٦] خطوط تلك الكتب ولا يفهمون ما فيها إلا بعد أن تترجم لهم. ومن ذلك أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكتب المصالحة بينه وبين قريش (٤) يوم الحديبية، ومنها ما كان يأمر بكتبه من كتب الأمانات وكتب الإقطاعات وكتب عقد الذمة وكتب المصالحة لسائر من صالحهم من القبائل، ومنها كتاب عمرو بن حزم (٥) الذي كتبه إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ به الصحابة واعتمدوا عليه، وقد روي مسندا ومرسلا، فمن رواه مسندا أحمد والنسائي وأبو داود في كتاب المراسيل، وعبد الله بن عبد


(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٦٢، ١٩٢) وأبو داود رقم (٣٦٤٦) والدارمي (١/ ١٢٥) والحاكم (١/ ٠٥ ١ - ١٠٦) وقال عقبه: " رواة هذا الحديث قد احتجا بهم عن آخرهم غير الوليد هذا، وأظنه (الوليد بن أبي الوليد الشامي) فإنه (الوليد بن عبد الله) وقد غلبت على أبيه الكنية. فإن كان كذلك فقد احتج به مسلم " ووافقه الذهبي.
وعقب الألباني في " الصحيحة " (٤/ ٤٦) على كلام الحاكم قائلا: " كذا قال، وإنما هو الوليد
بن عبد الله بن أبي مغيث مولى بني الدار حجازي وهو ثقة، كما قال ابن معين وابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (١١٩٦).
(٢) [البقرة: ٢٨٢].
(٣) منها ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٤٢٤) باب رقم (٨٢/ ٨٣) كتاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى كسرى وقيصر.
(٤) انظر السيرة النبوية (٣/ ٤٤٠).
(٥) تقدم تخريجه في الرسالة السابقة رقم (١) (ص ١٣٩).