للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الراشدين والمقصورين للإفتاء منهم، وقد رجع (١) لما سمع الحجة الشرعية من امرأة، وقال: كل الناس أعلم من عمر حتى المخدرات.

وأما قول السائل عافاه الله: وإذا رجع هل يكون مقلدا ... إلخ.

فأقول: قد صانهم الله عن هذه البدعة ورفع شأنهم عن الوقوع في هذه النقيصة، فلم يسمعوا بها ولا تلوثوا بشيء منها، بل كان من رجع منهم عن رأي رآه إلى رواية سمعها عمل بها مقتديا بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد عرفت مما ذكرناه سابقا أن التقليد إنما هو الأخذ بالرأي لا بالرواية.

البحث الرابع من مباحث السؤال الثالث:

قوله: هل يجوز العمل بالخطوط مطلقا أم لا؟

والجواب: أنه قد أمر الله سبحانه بالكتابة فقال: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل}، فلو كان الخط غير معمول به لم يكن للأمر بالكتابة معنى، وقد ثبت في الصحيح (٢) أنه قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اكتبوا لأبي شاة " وذلك لما طلب أن يكتبوا له خطبة الوداع، فأمرهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن


(١) قال المحدث الألباني في " الإرواء " (٦/ ٣٤٧ - ٣٤٨): (تنبيه): أما ما شاع على الألسنة من اعتراض المرأة على عمر وقولها: " نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء، والله تعالى يقول في كتابه: (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) [النساء: ٢٠]، فقال عمر رضي الله عنه: كل أحد أفقه من عمر، مرتين أو ثلاثا، ثم رجع إلى المنبر، قال للناس: إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء، ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له.
فهو ضعيف منكر يرويه مجالد عن الشعبي عن عمر. أخرجه البيهقي (٧/ ٢٣٣) وقال: هذا منقطع. قلت: ومع انقطاعه ضعيف من أجل مجالد وهو ابن سعيد ليس بالقرب، ثم هو منكر المتن، فإن الآية لا تنافي توجيه عمر إلى ترك المغالاة في مهور النساء ... " ا هـ.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٤٣٤) ومسلم في صحيحه رقم (٤٤٧/ ١٣٥٥). من حديث أبي هريرة.