للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنكاره (١) على أبي موسى ما رواه في الاستئذان، وإنكاره على عمار ما رواه في التيمم (٢). والوقائع في هذا كثيرة جدا لا حاجة لنا في الاستكثار منها، وإن كان يريد أنهم هل اختلفوا في شيء من مسائل الصفات فقد كان دأبهم وديدنهم وهجيراهم رضي الله عنهم أن لا يتعرضوا لشيء من التكلف والتأويل، بل يمرونها كما جاءت ويؤمنون بها كما وردت. وأما إنكار بعضهم على بعض إذا خالف الرواية بالرأي فهو كثير جدا قد تضمنته كتب السير والتواريخ، وهكذا إنكارهم على من أخطأ في رأيه ولم يصب في استنباطه فذلك كثير جدا. وأما ما سأل عنه عافاه الله بقوله وهل رجع أحدهم إذا علم الدليل. فجوابه أنهم قد رجعوا كثيرا عن الرأي عند العلم بالدليل ووقع هذا الكثير منهم [٤٥] والوقائع مبسوطة في كتب الرواية، بل لم يخل عن مثل هذا غالب أكابرهم ولا سيما الخلفاء


(١) أخرج البخاري رقم (٦٢٤٥) ومسلم رقم (٢١٥٣) عن بسر بن سعيد قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: كنت جالسا بالمدينة في مجلس الأنصار: فأتانا أبو موسى فزعا أو مذعورا. قلنا: ما شأنك؟ قال: إن عمر أرسل إلي أن آتيه. فأتيت بابه فسلمت ثلاثا فلم يرد علي فرجعت. فقال ما منعك أن تأتينا؟ فقلت: إني أتيتك فسلمت على بابك ثلاثا فلم يردوا علي فرجعت، وقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له، فليرجع" فقال عمر: أقم عليه البينة وإلا أوجعتك. فقال: أبي بن كعب: لا يقوم معه إلا أصغر القوم. قال القوم. قال أبو سعيد: أنا أصغر القوم قال: فاذهب به.
(٢) أخرج البخاري رقم (٣٣٨) ومسلم رقم (١١٢/ ٣٦٨):
عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه أن رجلا أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء. فقال: لا تصل. فقال عمار: أما تذكر، يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا، فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إنما يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك" فقال عمر: اتق الله يا عمار! قال: إن شئت لم أحدث به.