للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العباد أن يحيط بعلوم الاجتهاد لاختلاف الأفهام وتباين القرائح، والاشتغال بالكسب على النفس والأهل وتقويم أمر المعاش، ففي المنع من التقليد حرج.

فأقول: لا حرج إن شاء الله بل على المقصر أن يسأل الكامل عن النص الوارد فيها يعرض له من كتاب أو سنة ويسترويه ما في تلك الحادثة فيعمل به في عباداته ومعاملاته كما كان يصنعه المقصرون من الصحابة فمن بعدهم قبل ظهور هذه المذاهب، ومن لا يسعه ما وسع خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم فلا وسع الله عليه، فإنه لم يضيق عنهم شيء من الحق قط، وهم المعيار الذي لا يزيغ، والقدوة التي لا يخسر من ائتم بها ومشى خلفها فاعرف هذا [٤٤].

البحث الثالث من مباحث السؤال الثالث:

قوله عافاه الله: وهل حصل بين الصحابة خلاف متناقض في غير الاجتهادات .. إلخ.

أقول: الذي لا مسرح للاجتهاد فيه هو الشاذ النادر كتقرير الحدود وعدد الركعات ونحو ذلك مما مرجعه الرواية، فإن كان السائل يريد أنه هل وقع الخلاف بين الصحابة في نفس الأشياء المروية فنعم، قد اختلفوا في آيات من كتاب الله إثباتا ونفيا واختلفوا في كثير من السنة، وأنكر بعضهم على بعض شيئا مما يرويه ورجعوا لعد الاختلاف إلى الحق، كما في إنكار عمر (١) رضي الله عنه على فاطمة بنت قيس (٢) ما روته في العدة


(١) أخرج مسلم رقم (٤٦/ ١٤٨٠) عن أبي إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالسا في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يجعل لها سكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كفا من حصى فحصبه به. فقال: ويلك! تحدث. بمثل هذا، قال عمر: لا ندع كتاب الله وسنة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة، وتلا الآية: قال الله عز وجل: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [الطلاق: ١].
(٢) أخرج مسلم رقم (٤٤/ ١٤٨٠) عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المطلقة ثلاثا- " ليس لها سكنى ولا نفقة.
وانظر ما قاله محمد بن إسماعيل الأمير في" سبل السلام" بتحقيقي (٦/ ٢٨٣ - ٢٨٥) وخلاصته:
"أن الحق ما أفاده الحديث" وقد أطال ابن القيم الجوزية في زاد المعاد (٥/ ٦٧٥) ناصرا للعمل بحديث فاطمة بنت قيس.