للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما أشكل أيضًا قول التاج السبكي في الأشباه المذكورة في كتب الجرح والتعديل قال فيه: قال العلامة ابن دقيق العيد (١) - رحمه الله-: أعراض الناس حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام.

وظاهر أنه أراد المحدثين مشتغلون بالبحث عن أحوال الرواة لتمييز العدل الضابط من المتوسط الضبط وحده، ومن الضعيف فيهما. والحكام مشتغلون بمثل ذلك ليميزوا بين العدل وغيره عند أداء الشهادات، فالمقصدان مرضيان، كيف وبمقصد المحدثين حفظت السنة الغراء من تحريف الغالين، وافتراء الوضاعين! حتى أوصلوها إلى من بعدهم


(١) في «الاقتراح» (ص ٣٠٢).
قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في «علوم الحديث» (ص ٣٨٩ - ٣٩٠): الكلام في الرجال جرحًا وتعديلاً جوز صونًا للشريعة ونفيًا للخطأ والكذب عنها، وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة ... ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله تبارك وتعالى، ويتثبت ويتوقى التساهل، كيلا يجرح سليمًا، ويسم بريئًا بسمة سوء يبقى عليه الدهر عارها، وأحسب أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ...
من مثل ما ذكرناه خاف، فيما رويناه أو بلغناه أن يوسف بن الحسين الرازي- وهو الصوفي- دخل عليه وهو يقرأ كتابه في الجرح والتعديل، فقال له: كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة، وأنت تذكرهم وتغتابهم؟ فبكى عبد الرحمن «اهـ.
انظر: «الرفع والتكميل» (ص ٤٧)، «شرح ألفية العراقي» (٣/ ٢٦٢).