للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واضحة جلية كما تلقيت [٣ ب] غضة طرية فانتفع بها الأواخر والأوائل محفوظة من كل حال حائل، محصية عن أن يتفوه بأدنى دخل فيها لسان ملحد، فإن فعل أحرقته بسوارق كل منجد، وأعدمته طوارق كل مصعد، فكيف لا يرجوا أن يكونوا من الذين لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون.

فحققوا لنا مراد العلامة ابن دقيق العيد في هذه العبارة المنقولة- جزيتم خيري الدنيا والآخرة-.

ومما أشكل علينا صحة بيع العينة (١) عند إمامنا الشافعي رضي الله عنه مع أنه قد يتوصل به إلى ربا الفضل، قال النووي- رحمه الله- في شرح مسلم (٢) في باب الربا في حديث (٣) «من قدم بتمر جنيب من خيبر فقال له رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: أكل تمر خيبر كذا؟» قال النووي (٤) - في أثناء شرحه على الحديث المذكور-: واحتج في هذا الحديث أصحابنا- رحمهم الله- وموافقوهم في أن مسألة العينة ليس بحرام، وفسرها بأنها الحيلة التي يفعلها بعض الناس [٤ أ] توصلاً إلى مقصود الربا، بأن يريد أن يعطيه مائة درهم بثمانين فيبيعه ثوبًا بثمانين، ثم يشتريه منه بمائة، ويوضح الدلالة من هذا الحديث أن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال: «بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا». ولم يفرق بين أن يشتري من المشتري أو من غيره، فدل على أنه لا فرق في هذا كله، ليس بحرام عند الشافعي (٥) وآخرين، وقال مالك وأحمد: هو


(١) بيع العينة هو أن يبيع سلعة بثمن معلوم إلى أجل ثم يشتريها من المشتري بأقل ليبقى الكثير في ذمته، وسميت عينة لحصول العين أي النقد فيها. ولأنه يعود إلى البائع عين ماله.
(٢) (١١/ ٢٠ - ٢١).
(٣) رقم (٩٤/ ١٥٩٣). وهو حديث صحيح.
(٤) في شرحه لصحيح مسلم (١١/ ٢١).
(٥) انظر «المغني» (٤/ ٢٧٨).
«رحمة الأمة في اختلاف الأئمة» لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الشافعي ت: ٧٨٠ هـ (ص ٢٨٧).