للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرام (١) انتهى.

فجعل هذا البيع حيلة إلى التوصل إلى محرم، وقد قلتم: أن للوسائل حكم المقاصد، فهل تحريم من حرمه لكونه وصلة إلى محرم، وحيلة إلى تناول الربا؟ فإن الشافعي لا يحرم الحيلة إلا إذا توصل بها إلى إبطال حق الغير، أو لما أورده السبكي، وقال: رواه الدارقطني (٢) وأحمد (٣)، وهو أن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها- أنكرته على زيد ابن أرقم رضي الله عنه بأبلغ إنكار، وقالت: إنه أبطل جهاده مع رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.وقال السبكي بعد هذا: واعلم أن القوم لم ينتهض لهم حجة بهذا الحديث، ولو سلم لهم الاحتجاج بقول الصحابي، فإن الشافعي ذكر أنه لا يثبت مثله عن عائشة- رضي الله عنها-. قال: قلت وفيه ما ينبه على عدم ثبوته وهو قولها: «إنه أبطل جهاده» ولم يقل أحد أن من يعمل بالعينة يحبط عمله. انتهى.


(١) انظر «المغني» (٤/ ٢٧٨).
فقد نقل عن الشافعي أنه قال بجوازه أخذًا من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أبي سعيد وأبي هريرة- قد تقدم عند مسلم رقم (٩٤/ ١٥٩٣) - «بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا» فإنه دل على جواز بيع العينة، فيصح أن يشتري ذلك البائع له، ويعود له عين ماله لأنه لما لم يفصل ذلك في مقام الاحتمال دل على صحة البيع مطلقًا، سواء كان من البائع أو غيره؛ وذلك لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال يجري مجرى العموم في المقال
(٢) في «السنن» (٣/ ٥٢ رقم ٢١٢)، وفي إسناده العالية بنت أيفع.
(٣) ليس للعالية بنت أيفع مسند عند الإمام أحمد.
قال الزيلعي في «نصب الراية» (٤/ ١٦) ردًّا على ابن الجوزي حين قال عن العالية هذه بأنها امرأة مجهولة لا يقبل خبرها. «قلنا: بل هي امرأة معروفة جليلة القدر، ذكرها ابن سعد في «الطبقات» (٨/ ٤٨٧)، فقال: العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي سمعت من عائشة» اهـ.
وقال ابن التركماني في «الجوهر النقي» (٥/ ٣٣٠): «العالية: معروفة روى عنها زوجها وابنها وهما إمامان وذكرها ابن حيان في الثقات من التابعين.