للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالخط كما رواه أبو الحسين البصري في المعتمد وكذلك رواه الدارمي والحافظان يعقوب بن سفيان وإسماعيل بن كثير، ورواه الإمام المنصور عبد الله بن حمزة، كما نقله عنهم العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في تنقيح الأنظار (١) واستدل على ذلك الرازي في المحصول بإجماع الصحابة وبالعقل فقال: " وأما المعقول فلأن الظن هاهنا حاصل والعمل بالظن واجب" انتهى.

ومن ذلك الإجماع الفعلي في جميع الأعصار والأمصار في اعتبارهم بالخطوط الكائنة بين الناس في معاملاتهم وخطوط الأمراء والقضاة، ومن ذلك عمل السلف والخلف بالوجادة التي صرح العلماء بقبولها، وقد صرح ابن رسلان في " شرح سنن أبي داود " أن القاضي عياضا حكى ذلك عن أكثر الصحابة والتابعين، قال: ثم أجمع عليها المسلمون وزال الخلاف. ثم قال: وقد اختلف الناس في الجواب على حديث أبي سعيد أعني الذي رواه مسلم (٢) من حديثه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" لا تكتبوا شيئا إلا القرآن" فقيل: إن النهي منسوخ بأحاديث الإذن. وكان النهي في أول الأمر لخوف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك أذن فيه، وجع بعضهم بأن النهي في حق من وثق بحفظه، والإذن في حق من لم يثق كأبي شاة، وحمل بعضهم النهي على كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة؛ لأنهم كانوا يسمعون تأويل الآية فربما كتبوه معه فنهوا عن ذلك لئلا يختلط به فيشتبه على القارئ" (٣) انتهى.

وعلى كل حال فهذا النهي ورد في كتابة الحديث في ابتداء الأمر، ولم يرد في كل كتابة، وسؤال السائل هو عن العمل بالخط مطلقا. ومن ذلك ما أخرجه أبو داود أنه دخل زيد


(١) (ص٢٤٦) بتحقيقي
(٢) في صحيحه رقم (٧٢/ ٣٠٠٤) من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي- قال همام: أحسبه قال: متعمدا- فليتبوأ مقعده من النار".
(٣) كلام محمد بن إبراهيم الوزير في كتاب " تنقيح الأنظار " (ص ٢٤٨) بتحقيقي.