للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في شأنها. وأما حديث التمر الجنيب فهو حديث صحيح (١)، ولطف لطف الله به وبعباده بسببه، فإنه خلصهم به من كثير من شوائب الربا، وفرق بين ما شرع للخلوص من الحرام، وبين التوصل إلى الحرام، بل هما متقابلان، فكيف يدل الحديث على الأمرين! فالاستدلال بحديث التمر الجنيب على جواز بيع العينة غلط أو مغالطة.

وبالجملة فالدليل على منع ذرائع الربا ووسائله هو الأدلة في القرآن والسنة الدالة على تحريم الربا، ولا يحتاج معها إلى الاستدلال بقول صحابي على فرض أنه قاله اجتهادًا منه.

وأما ما سأل عنه السائل- عافاه الله- من قول الإمام الشافعي- رحمه الله- لا يثبت مثله عن عائشة (٢) - رضي الله عنها-.

فهذا الإمام الكبير لا يقول هذه المقالة إلا بعد أن يطلع من الأسباب القادحة في الثبوت على ما يوجب الجزم بعدم الثبوت، وهو أجل وأعلا وأنبل من أن يقول شيئًا عن غير بصيرة، أو بدون تنقيب، ولكن هو [٧ ب] قد قضى ما عليه، وواجب علينا أن نبحث كبحثه، وننظر كنظره، ونعمل بما يظهر بعد التحري والفحص ومراجعة دواوين الرجال المستوفية للكلام في أحوالهم، تجريحًا، وتعديلاً، وإجمالاً وتفصيلاً، كالتهذيب للمزي، والنبلاء، وتاريخ الإسلام للذهبي، ونحو هذا.

وأما ما سأل عنه السائل من كلام أهل العلم في شأن اللوطي.

فالذي أقول به، وأعمل عليه أن الفاعل والمفعول به المكلفين يستحقان القتل لحديث: «اقتلوا الفاعل والمفعول به» (٣) وهو حديث صالح للاحتجاج به. وقد قرت في مؤلفاتي وأطلت البحث في شانه، ولا وجه للقول بالرجم والإلحاق بالمحصن، بل هذه


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٣٠٠) وأبو داود رقم (٤٤٦٢) وابن ماجه رقم (٢٥٦١) والترمذي رقم (١٤٥٦). من حديث ابن عباس وهو صحيح.