للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا عرفت أنه لا دليل لهم فها نحن نتبرع بذكر الدليل الدال على الحل، وإن لم يكن ذلك مما يلزم؛ لأن مجرد المنع والوقوف عليه يكفي، ولكن اسمع أدلة الحل حتى ينشرح صدرك بالحق الحقيق بالقبول فنقول: ثبت في الصحيحين (١) وغيرهما (٢) من حديث جابر أن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- «أذن في لحوم الخيل»، وثبت أيضًا في الصحيحين (٣) وغيرهما من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: «ذبحنا على عهد رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فرسًا ونحن بالمدينة فأكلناه».

وفي لفظ أحمد (٤): «فأكلناه نحن وأهل بيته «وقد اقتصرنا هاهنا على هذين الحديثين الثابتين في صحيح البخاري، والمتواتر قطعي الدلالة لا يحل مخالفته بالظنيات، وإن كثر عددها، فكيف وليس هنا دليل يفيد أن الصحابة أجمعوا على حل أكل الخيل، وكذلك أخرج ابن أبي شيبة (٥) عن ابن جريج مثل ذلك، وهما تابعيان مميزان لا يخفى عليهم ما كان عليه الصحابة بلا شك ولا ريب، فعرفت بما ذكرنا أن حل لحوم الخيل مدلول عليه بعموم الآيات القرآنية، والمتواتر من السنة المطهرة، وبإجماع الصحابة، وبعض البعض من هذا يكفي، لا سيما مع عدم وجود دليل يتمسك به القائل بالتحريم، بل يكفي مجرد القيام مقام المنع كما تقدم، فأعجب من القائل بالتحريم كيف خفي ليه مثل هذا! ومع هذا هو مذهب الإمام زيد بن على كما حكاه الإمام الهدي عنه في البحر الزخار (٦)، بل هو


(١) أخرجه البخاري رقم (٤٢١٩) ومسلم في صحيحه رقم (١٩٤١).
(٢) أبي داود رقم (٣٧٨٨) والترمذي رقم (١٤٧٨) والنسائي (٧/ ٢٠٢). وهو حديث صحيح.
(٣) أخرجه البخاري رقم (٥٥١٠) ومسلم رقم (١٩٤٣).
(٤) في «المسند» (٦/ ٣٥٤) بسند صحيح.
(٥) في «المصنف» (٨/ ٦٧ - ٧٠) بسند صحيح.
(٦) (٤/ ٣٣٠).