للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محل الحراسة للمجاهدين، فإنه جاء في ظلمة الليل رجل من الكفار فرآه مستقيمًا يصلي، فرماه مرة بعد مرة ن والسهام تصيبه، ولم يخرج من الصلاة حتى أتمها، ثم أتى النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فعاتبه على صبره على ذلك، ولم يأمر بنزع الثياب التي عليه للصلاة، ولا أنكر عليه إتمامه للصلاة.

وهذه الحديث في البخاري (١) من حديث جابر مختصرًا. وأخرج غيره (٢) مطولًا. والقصة مشهورة معروفة في كتب السير (٣) والحديث، وقد استدل القائلون بنجاسة الدم بدليلين: الأول: قوله- عز وجل-: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتتة أو دمًا مسفوحًا} (٤) الآية. وليس في هذه الآية دلالة قط؛ لأنها مسوقة لذكر ما يحرم أكله. ولهذا قال على طعم يطعمه، ولا ملازمة بين تحريم الأكل والنجاسة بوجه من الوجوه قط. ومن ادعى الملازمة فقد غلط غلطًا بينًا وأما استدلالهم بحديث عمار (٥) فهو مما لا تقوم به حجة قط.


(١) في صحيحه (١٠/ ٢٨٠) تعليقًا.
(٢) كأبي داود في «السنن» رقم (١٩٨) وأحمد (٣/ ٣٤٣ - ٣٤٤) والدارقطني (١/ ٢٢٣ - ٢٢٤) وابن خزيمة (١/ ٢٤ - ٢٥) وابن حبان رقم (١٠٩٦) والحاكم في «المستدرك» (١/ ١٥٦ - ١٥٧) وهو حديث حسن.
(٣) انظر «السيرة النبوية» لابن هشام (٣/ ٢٩١ - ٢٩٢).
«المغازي» للواقدي (١/ ٣٩٧).
(٤) [الأنعام: ١٤٥].
(٥) أخرجه الدارقطني (١/ ١٢٧) والبزار رقم (٢٤٨ - كشف) وأبو يعلى في «المسند» (١/ ١٦) والبيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ١٤) والعقيلي في «الضعفاء» (١/ ١٧٦) وابن عدي في «الكامل» (٢/ ٩٨) من طريق ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن عمار به.
قال الدارقطني عقبه: لم يروه غير ثابت بن حماد وهو ضعيف جدًّا.
وقال البيهقي: هذا باطل لا أصل له وإنما رواه ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن عمار.
وعلي بن زيد غير محتج به وثابت بن حماد متهم بالوضع. انظر: «تلخيص الحبير «(١/ ٣٣)، «مجمع الزوائد»
(١/ ٢٨٣). وخلاصة القول: أن حديث عمار موضوع.
أما لفظه: «أتى علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا على بئر أدلوا ماء في ركوة لي، فقال: يا عمار ما تصنع؟ قلت: يا رسول الله أغسل ثوبي من نخامة أصابتني، فقال: يا عمار إنما يغسل الثوب من خمس: من الغائط، والبول، والقيء، والدم، والمني. يا عمار ما نخامتك ودموع عينيك والماء الذي في ركوتك إلا سواء».