للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصلي (١)، فإن تحريم البيع لا يستلزم أن يكون الشيء نجسًا (٢)، لا شرعًا، ولا عقلًا، وإلا لزم نجاسة الأصنام والأزلام، وسهام الميسر، ونحوها مما ورد الدليل الصحيح (٣) بتحريم بيعها، وقد قرن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في حديث جابر الثابت في الصحيح (٤) بين الميتة والأصنام فاللازم باطل فالملزوم مثله. أما الملازمة فظاهرة، وأما بطلان اللازم فبالإجماع.

وهكذا لا يستلزم نهيه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عن الانتفاع بالإهاب والعصب أن يكونا نجسين لا شرعًا، ولا عقًلا؛ فإن كون الشيء نجسًا يمنع وجو صحة صلاة المصلي، إنما يثبت بدليل يدل على ذلك دلالة مقبولة، والنهي، الانتفاع هو باب آخر غير باب كون الشيء نجسًا أو طاهرًا (٥)، وهكذا لا يستفاد من حديث إلقاء الفأرة وما حوله إذا وقعت في السمن الجامد (٦)، وإراقة السمن الذي وقعت فيه الفأرة [٢ ب] إذا كان مانعًا نجاسة هذه الميتة، فإن تحريم ما وقعت فيه من الجامد وما حوله، وتحريم جميع


(١) انظر: «المجموع» (١/ ٢٨١).
قال الشيرازي في «المهذب» شرح النووي (٩/ ٢٦٩): الأعيان ضربان نجس وطاهر، فأما النجس فعلى ضربين نجس في نفسه ونجس بملاقاة النجاسة، فأما النجس في نفسه فلا يجوز بيعه، وذلك مثل الكلب والخنزير والخمر والسرجين، وما أشبه ذلك من النجاسات والأصل فيه ما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن الله تعالى حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام». تقدم تخريجه.
(٢) قال النووي في «المجموع» (٩/ ٢٧٢):
وأما النجس بملاقاة النجاسة فهو الأعيان الطاهرة إذا أصابتها نجاسة فينظر فيه، فإن كان جامدًا كالثوب وغيره جاز بيعه؛ لأن البيع يتناول الثوب وهو طاهر وإنما جاورته النجاسة، وإن كان مائعًا نظرت فإن كان مما لا يطهر كالخل والدبس لم يجز بيعه؛ لأنه نجس لا يمكن تطهيره من النجاسة فلم يجز بيعه كالأعيان النجسة.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) انظر: «المحلى» (١/ ١١٨ - ١٢٤).
(٦) تقدم تخريجه.