للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله- سبحانه-، أو عن رسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، ونحن نقبله ونذعن له كما وجب علينا قبول ما جائنا به من كون غسل أعضاء الوضوء. وهي بعض من البدن رافعًا لحكم الحدث، وهو شيء لم يقم بها حسًا ولا وجد عليها أثرة في رأي العين، وهكذا إذا جاء الشرع بأن هذا الشيء المرئي أثره الخارج من الفرج أو نحوه ليس بناقض للطهارة، فليس لنا أن نقول لم لم يكن ناقضًا؟ وكيف لايكون مبطلًا للطهارة! وها هو جسم مدرك بحاسة البصر، وحاسة اللمس، خارج من الفرج. بل نقول: هكذا جائنا عن الذي جائنا بتفصيل أحكام الطهارة وبيان شروطها، ومقتضيها ومانعها، وما تصح به وما لا تصح به، وليس لنا أن نرجع [١ ب] إلى ما تقتضي به عقولنا وتقبله أفهامنا؛ فإن ذلك في مثل هذه المدارك أمر وراء الشرع.

وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل (١). وإذا تقرر هذا فالشرع قد ورد مورداُ لا يجحده أحد من المتشرعين أن دم المستحاضة مع كونه دمًا من الفرج الذي هو محل الحدث لا ينقض الطهارة (٢)، ولا يبطل حكمها، وإن استمر خارجًا من عند الشروع في الوضوء إلى الفراغ من الصلاة. وهذا معلوم من الشرع علمًا ضروريًا، ومجمع عليه عند جميع أهل هذه الملة الشريفة.

وألاحاديث الواردة في ذلك يعرفها السائل- عافاه الله-. فهذا الدم الخارج على هذه الصفة ليس من الأحداث الموجبة للوضوء في حق هذه المرأة المستحاضة لاينكلر ذلك منكر، ولا يخالف فيه مخالف، فصلاتها وهو خارج خروجًا كثيرًا، منصب انصبابًا


(١) وهو نهر في البصرة، وقد احتفره معقل بن يسار في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنسب اليه.
يضرب في الاستغناء عن الأشياء الصغيرة إذا وجد ما هو أكبر منها، وأعظم نفعًا.
ذكره القاضي إسماعيل بن على الأكوع في الأمثال اليمانية «إذا جاء سيل الله بطل نهر معقل".
وقال: من أمثال المولدين «إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل".
وانظر: «الأمثال» للميداني (١/ ٨٨).
(٢) انظر «المغني» (١/ ٤٢٣).