للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شديدًا (١)، مستمر أستمرارًا مطبقًا، وصلاتها وهو خارج خروجًا يسيرًا، وسائل سيلانًا نزرًا، وصلاتها وهو منقطع تارة، وخارج أخرى مجزية صحيحة مقبولة واقعة على المنهج الشرعي، والمهيع المحمدي، والسبيل الأسلامي، لا فرق بين هذه الصور أصلًا. ولم يأت في هذه الشريعة السمحةالسهلة شيء مما يستدل به على الفرق.

فالحاصل أن المستحاضة لا فرق بينها وبين غيرها من النساء اللاتي لم يكن مستحاضات في نفس الفريضة التي تؤديها بذلك الضوء، وأما الأحاديث الواردة بأن المستحاضة تغتسل لكل صلاة (٢)، فلو صح ذلك لكان غاية ما فيه أنه يجب عليها أن تبالغ في رفع الحدث بالغسل، وأن لا تؤدي بطهارتها الا صلاة واحدة، وليس هذا بمناف لكون خروج الدم غير ناقض للطهارة، لأنها في تلك الصلاة التي أدتها لا فرق بينها وبين غيرها من النساء في جميع الأحكام فتصلي في أول الوقت كما تصلي سائر النساء، وتؤم بغيرها من النساء كما تؤم من لم تكن مستحاضة. وأما من زعم من الفقهاء بأنها تصلي في آخر الوقت فليس على ذلك آثارة من علم، ولا هو مما يشتغل برده لوضوح بطلانه، وكونه قولًا مجردًا عن البرهان على كل حال.

فإن قلت: هل ينتهض شيء من الادلة الدالة على أنها تغتسل لكل صلاة أو نحو ذلك مما ورد في ذلك؟.


(١) منها: الحديث الذي أخرجه أبو داودرقم (٢٨٧) والترمذي رقم (١٢٨) وابن ماجه رقم (٦٢٧) وأحمد (٦/ ٤٣٩، ٣٨١، ٣٨٢، ٤٣٩) والحاكم (١/ ١٧٢ - ١٧٣) والبيهقي (١/ ٣٣٨) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٣/ ٢٩٩، ٣٠٠) عن حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فاتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله، إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما تأمرني فيها قد منعتني الصيام والصلاة؟ قال: «انعت لكي الكرسف، فإنه يذهب الدم» قالت: هو أكثر من ذلك؟ قال: «فتلجمي» قالت: هو أكثر من ذلك؟ «فاتخذي ثوبًا» قالت: هو أكثر من ذلك إنما اثج ثجًا ... ". وهو حديث حسن.
(٢) سيأتي ذكر ذلك.