للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأول النزول بالرحمة (١)، وهكذا جعل التأويل علة مطردة في سائر نصوص الصفات


(١) قال ابن تيمية في " شرح حديث النزول " (ص ١٤٤ - ١٤٨): وإن تأول ذلك بنزول رحمته أو غير ذلك. قيل له: الرحمة التي تثبتها: إما أن تكون عينا قائمة بنفسها، وإما أن تكون صفة قائمة في غيرها.
فإن كانت عينا وقد نزلت إلى السماء الدنيا: لم يمكن أن نقول: من يدعوني فأستجب له، كما لا يمكن الملك أن يقول ذلك.
وإن كانت صفة من الصفات: فهي لا تقوم بنفسها بل: لا بد لها من محل، ثم لا يمكن الصفة أن تقول هذا الكلام ولا محلها، ثم إذا نزلت الرحمة إلى السماء الدنيا ولم تنزل إلينا فأي منفعة لنا في ذلك؟.
وإن قال: بل الرحمة ما ينزله على قلوب قوام الليل في تلك الساعة من حلاوة المناجاة والعبادة وطيب الدعاء والمعرفة، وما يحصل في القلوب من مزيد المعرفة بالله والإيمان به. وذكره تجلية لقلوب أوليائه، فإن هذا أمر معروف يعرفه قوام الليل.
قيل له: حصول هذا في القلوب حق، ولكن هذا ينزل إلى الأرض إلى قلوب عباده، لا يزل إلى السماء الدنيا، ولا يصعد بعد نزوله، وهذا الذي يوجد في القلوب يبقى بعد طلوع الفجر، لكن هذا النور والبركة والرحمة التي في القلوب هي من آثار ما وصف به نفسه من نزوله بذاته سبحانه وتعالى.
كما وصف نفسه بالنزول عشية عرفة، في عدة أحاديث صحيحة، وبعضها في " صحيح مسلم " رقم (١٣٤٨) ورقم (٣٠١٤) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه عز وجل ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء ".