للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنفرد يدل [ ... ] (١) دلالة وينادي أعظم نداء، بأن صلاة الرجل منفردًا صحيحة، وأنها تسقط عنه الواجب، وتجزي عنه الفريضة، وكذلك حديث صلاة الرجل مع الأمام أفضل من الذي يصلي وحده ثم ينام، ونحو ذلك من الأحاديث كحديث المسيء صلاته (٢)، ومن شابه ممن صلى منفردًا.

ولكني أقول: إن العدول إلى صلاة الانفراد مع عدم وجود العذر المانع من صلاة الجماعة مع كونه مشددًا فيها هذا التشديد، ومؤكد حكمها هذا التأكيد لا يفعله إلا من رغب عن الخير، وأحرم نفسه الثواب الكثير، والأجر العظيم، فصاحب هذه العلل المتقدم ذكرها إن لم يكن له عذر إلا مجرد ما ظنه بأن تأدية صلاته وحده مع الانقطاع أكثر ثوابًا، وأعظم أجرًا من تأديتها في جماعة مع عدم الانقطاع فقد ظن ظنًا باطلًا، وتصور تصورًا فاسدًا. وسبب هذا الظن الباطل، والتصور الفاسد ما خطر له من أن ذلك الخارج حدث من الأحداث، وليس الأمر كذلك كما قدمنا لك.

قال السائل (٣) - كثر الله فوائده-: «وسؤال آخر وهو أنه ربما زاد الحدث ببعض المأكولات والمشروبات، فهل يلزمه ترك ذلك المأكول أو المشروب إذا عرف أنه يمد علة الحدث؟.

أقول: لا تلزمه ذلك حتمًا، لأنه أكل ما يحل أكله شرعًا [٥ب]، ولم يرد تقييده بمثل هذا القيد أعني كونه لا يزيد في شيء من فضلات البدن، بل يجوز للإنسان أن يأكل ما أذن الله بأكله ما لم يكن في ذلك المأكول ما يتسبب عنه حدوث عله يخشى على نفسه


(١) كلمة غير واضحة في المخطوط.
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٤٣٧) والبخاري رقم (٧٩٣) ومسلم رقم (٤٥/ ٣٩٧) وأبو داود رقم (٨٥٦) والترمذي (٢/ ١٠٣ رقم ٣٠٣) والنسائي (٢/ ١٢٤ رقم ٨٨٤) وابن ماجه رقم (١٠٦٠) من حديث أبي هريرة.
(٣) في هامش المخطوط ما نصه: هذا السؤال متأخر عن السؤال الذي بعده