للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل به النافون للعمل بالقياس والنافون للعمل بالمفاهيم.

فإن قلت: فإذا كان يتمكن من غير هذا النوع الذي تحدث به العلة بالسؤال للناس لا بغير ذلك؟.

قلت فواجب عليه أن يترك السؤال، ويأكل أو يشرب من ذلك النوع الذي يحدث به مثل ذلك، لأنه بوجوده قد صار ممن يحرم عليه السؤال كما يدل ذلك على الأدلة الواردة في تحريم سؤال الناس (١) لمن كان غنيًا، أو قويًا إلا أن يقال: إنه لا يصير بوجود هذا النوع الذي يضره غنيًا، بل يكون وجوده [٦ب] في ملكه كعدمه، فهو والحال هذه لم يجد قوت يومه الذي يحرم عليه السؤال معه على تقدير الغني المانع من سؤال الناس بوجود قوت اليوم على ما في ذلك من اضطراب الأقوال واختلاف المذاهب. وبسط الكلام في هذا يطول به البحث، ويخرجنا عن المقصود، فهذان الاحتمالان للمجتهد أن يرجح منهما ما يترجح له بعد توفيه النظر حقه.

قال السائل في غضون كلامه في السؤال الأول المحرر قبل هذا السؤال الذي فرغنا من الجواب عليه: فإن قلتم يلزمه المشي إلى صلاة الجماعة، وتصح صلاته مع الحدث، فهل تصح إمامته بكامل الطهارة أم لا؟ انتهى.

أقول: قد قدمنا أن صلاة الجماعة ليس بفريضة، ولا هي شرط لصحة الصلاة، ولكنها سنة من السنن المؤكدة حسبما أوضحناه، فلا يلزمه المشي حتمًا، ولكنه يسن له


(١) منها ما أخرجه أحمد (١/ ٤٤١) وأبو داود رقم (١٦٢٦) والترمذي رقم (٦٥٠) وابن ماجه رقم (١٨٤٠) والنسائي رقم (٢٥٩٣). وهو حديث صحيح.
من حديث بن مسعود مرفوعًا: «من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش، قالوا يا رسول الله: وما يغنيه؟ قال: خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب».
ومنها ما أخرجه أحمد (٣/ ٧، ٩) وأبو داود رقم (١٦٢٨) والنسائي رقم (٢٥٩٦) من حديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف».
وهو حديث حسن.