للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما تقدم، وأما كونها تصح إمامة سلس البول (١) ونحوه بكامل الطهارة.

فأقول: قدمنا أن صاحب هذه العلة يفعل ما يفعله من لا عله به، وأن هذا الخارج ليس كسائر الأحداث، بل لا فرق بينه وبين من لا علة به، فظهر من هذا التقرير الذي أسلفنا تحريره أنه يؤم بغيره [٧أ] ممن لا علة به، لأنا لا نسلم أنه ناقص طهارة، ثم لو سلمنا أن طهارته ناقصة تنزلًا فلم يأت في الشريعة المطهرة منع ناقص الطهارة عن أن يكون إمامًا، لمن كان كاملها.

وقد كان الصحابة- رضي الله عنهم- من هو كثير المذي (٢)، وأطلع على ذلك رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وسئل عنه، ولم يرد في حديث صحيح أو حسن ولا ضعيف أنه نهاه عن أن يؤم بغيره، وهكذا قد كان في عصره مستحاضات (٣)، وبلغ ذلك رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وسئل عنه في مواطن، وتكرار ذلك كما تفيده الأحاديث التي قدمنا ذكرها في سؤال المستحاضات لرسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وسؤال من سأله من غيرهن عنهن، ولم يأت في حرف واحد أنه نهاهن عن الإمامة لغيرهن في الصلاة.


(١) أخرج عبد الرازق في مصنفه رقم (٥٨٢) والبيهقي (١/ ٣٥٦) كان زيد قد سلس منه البول، وكان يداري منه ما غلب، فلما غلبه أرسله، وكان يصلي وهو يخرج منه.
وأخرج البيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ٣٥٧) من طريق إسحاق بن راهويه: كان زيد بن ثابت سلس البول وكان يداويه ما استطاع فإذا غلبه صلى، ولا يبالي ما أصاب ثوبه، وقال أحمد في مسائل عبد الله رقم (٨٢): وكان زيد بن ثابت سلس البول محصنه فصلى.
(٢) منها ما أخرجه البخاري رقم (١٣٢، ١٧٨، ٢٦٩) ومسلم رقم (١٧، ١٨، ١٩/ ٣٠٣) وأبو داود رقم (٢٠٦) والترمذي رقم (١١٤) والنسائي رقم (١/ ٩٦، ٩٧) وابن ماجه رقم (٥٠٤) عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلًا مذاء، فأمرت المقداد أن يسأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله: فقال: «فيه الوضوء».
(٣) تقدم ذكرهن خلال الأحاديث المتقدمة.