للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على [سيد] (١) المرسلين وآله الأكرمين- ورضي الله عن الصحابة أجمعين-.

اعلم أن السجود (٢) لمجرده من غير انضمامه إلى صلاة ودخوله فيها عبادة مستقلة يأجر الله عبده عليها والنصوص على ذلك في الكتاب العزيز معروفة والحمل في بعضها غلى السجود الكائن في الصلاة أو على نفس الصلاة هو مجاز لابد فيه من علاقة وقرينة ودليل ومن ذلك السجودات للتلاوة فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينها بالسجود المنفرد وغيرها مثلها يحمل على السجود المنفرد.

وهكذا يحمل المنفرد على السجود أو على نفس الصلاة ما ثبت في الصحيح (٣) من حديث معدان بن طلحة اليعمري قال لقيت ثوبان مولى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت أخبرني بعمل أعمله يدخلني الجنة أو قال قلت ما أحب الأعمال إلى الله عز وجل فسكت ثم سألته فسكت ثم سألته الثالثة فقال سألت عن ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة» ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال لي ثوبان هذا لفظ


(١) في الأصل: سيدي والصواب ما أثبتناه.
(٢) قال ابن القيم في «زاد المعاد» (١/ ٢٢٩): أول سورة أنزلت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اقرأ) على الأصح وختمها بقوله: {واسجد وأقترب} [العلق: ١٩]، بأن السجود لله يقع من المخلوقات كلها علويها وسفليها، وبأن الساجد أذل ما يكون لربه وأخضع له، وذلك أشرف حالات العبد. فلهذا كان أقرب ما يكون من ربه في هذه الحالة، وبأن السجود هو سر العبودية، فإن العبودية هي الذل والخضوع، يقال: طريق معبد، أي ذللته الأقدام، ووطأته. وأذل ما يكون العبد وأخضع إذا كان ساجدًا.
(٣) أخرجه مسلم رقم (٤٨٨) والترمذي رقم (٣٨٨) والنسائي (٢/ ٢٢٨) وابن ماجه رقم (١٤٢٣) وهو حديث صحيح.