للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البر (١) وغيره على أن ذلك وهم من الزهري، وأنه جعل القصة لذي الشمالين، وذو الشمالين (٢) هو الذي قتل ببدر، وهو خزاعي، واسمه عمير [٣ب] بن عبد عمرو بن نضلة، وأما ذو اليدين (٣) فتأخر موته بعد موت النبي- صلي الله عليه وآله وسلم-،


(١) «التمهيد» (١/ ٣٧٥)، «الاستذكار» (٢/ ٢٣٣).
(٢) ذكره ابن إسحاق في «السيرة النبوية» (١/ ٦٨١) وابن عبد البر في «التمهيد» (١/ ٣٦٣ - ٣٦٤). «الاستيعاب» (١/ ٤٨٤).
(٣) انظر «السيرة النبوية» (٢/ ٦٨١).
قال النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» (١/ ١٨٥ - ١٨٦):» ذو اليدين الصحابي رضي الله عنه مذكور في كتاب الصلاة في هذه الكتب اسمه الخرباق بن عمرو بخاء معجمة مكسورة وبموحدة وقاف وهو من بني سليم وهو الذي قال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت حين سلم من ركعتين.
وليس هو ذا الشمالين الذي قتل يوم بدر، لأن ذا الشمالين خزاعي قتل يوم بدر، وذو اليدين سلمي عاش بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمانًا حتى روى المتأخرون من التابعين عنه، واستدل العلماء لما ذكرناه بأن أبا هريرة شهد قصة السهو في الصلاة، وقد اجتمعوا على أن أبا هريرة إنما أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة بعد بدر بخمس سنين. وكان الزهري يقول إن ذا اليدين هو ذو الشمالين وأنه قتل ببدر وأن قصته في الصلاة كانت قبل بدر تابعه أصحاب أبي حنيفة على هذا وقالوا كلام الناس في الصلاة يبطلها وادعوا أن الحديث منسوخ والصواب ما سبق.
وقد أطنب أعلام المحدثين في إيضاح هذا ومن أحسنهم له إيضاحًا الحافظ أبو عمر ابن عبد البر في «التمهيد» في شرح الموطأ. ولقد لخصت مقاصد ما ذكره غيره في «شرح صحيح مسلم» وفي «شرح المهذب» قال ابن عبد البر، واتفقوا على أن الزهري غلط في هذه القصة». ١هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٣/ ٩٧): «وقد جوز بعض الأئمة أن تكون القصة وقعت لكل من ذي الشمالين وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين، فأرسل أحدهما وهوقصة ذي الشمالين وشاهد آخر وهي قصة ذي اليدين، وهذا محتمل من طريق الجمع.
وقيل: «يحتمل على أن ذا الشمالين كان يقال له أيضًا ذو اليدين وبالعكس، فكان ذلك سببًا للاشتباه». وذكر قبله أن الطحاوي حمل قول أبي هريرة: «صلى بنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» على المجاز يعني أن المراد به صلى بالمسلمين، ثم قال بن حجر: ويدفع المجاز الذي اتكبه الطحاوي ما رواه مسلم وأحمد وغيرهما من طريق يحيي بن أبي كثير عن أبي سلمة في هذا الحديث بلفظ: «بينما أنا أصلي مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». وقد اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين. ونص على ذلك الشافعي- رحمه الله- في اختلاف الحديث».