للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدث بهذا الحديث بعد موت النبي- صلي الله عليه وآله وسلم- كما أخرج ذلك الطبراني (١)، واسمه الخرباق (٢)، فتقرر بهذا أن حديث ذي اليدين متأخر عن حديث النهي عن الكلام، ومن جملة المقويات لذلك، والمؤيدات له أن من جملة رواة حديث ذي اليدين عمران بن حصين، وهو متأخر الإسلام. وقد ذكر في روايته ما يفيد المشاهدة كما في صحيح مسلم (٣) وغيره (٤)، فإذا تقرر هذا فلا عذر لمن انصف وجمع بين الأدلة كما هو الواجب بإجماع المسلمين، فإنه قد وقع التصريح في علم الأصول، وعلوم الحديث، وغير ذلك بأن الجمع (٥) مقدم على الترجيح. ووقع التصريح بأنه وقع الإجماع على ذلك، وهكذا وقع التصريح في علم الأصول بقيام الإجماع على أنه يبنى العام (٦) على الخاص بشروطه (٧) المعروفة في الأصول، فكان الواجب بمقتضى هذين الإجماعين على أن يجمع بين حديث ......................


(١) في «الكبير» رقم (٤١٨٢، ٤٢٢٥) و (١٨/ رقم ٤٦٤، ٤٦٥، ٤٦٧، ٤٧٠).
(٢) قال الحافظ في «الفتح» (٣/ ١٠٠): «وذهب الأكثر إلى أن اسم ذي اليدين: الخرباق بكسر المعجمة وسكن الراء بعدها موحدة وآخر قاف- اعتمادًا على ما وقع في حديث عمران بن حصين عند مسلم ولفظه: فقام إليه رجل يقال له الخرباق، وكان في يده طول، وهذا صنيع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران وهو الراجح في نظري. وإن كان ابن خزيمة ومن جنحوا إلى التعدد والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين ... ».
(٣) رقم (٥٧٤).
(٤) كأحمد (٤/ ٤٢٧) وأبو داود رقم (١٠١٨) والنسائي (٣/ ٢٦) وابن ماجه رقم (١٢١٥). وهو حديث صحيح.
(٥) انظر الكفاية (ص٦٠٨)، «تيسير التحرير» (٣/ ١٣٦).
(٦) انظر «الكوكب المنير» (٣/ ١٧٧، ٣٨٣).
(٧) انظر هذه الشروط في «البحر المحيط» للزركشي (٣/ ٤٠٧ - ٤٠٩).