للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(الجواب)

أقول: الجواب عن السؤال الأول - بمعونة الله - يتضح بإيراد الأدلة القاضية بمنع القراءة خاف الإمام، وتقييدها بما يفيد اختصاص ذلك بالجهرية دون السرية.

الدليل الأول: مما استدلوا به قول الله- عز وجل-: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) (١) وهذه الآية إنما تدل على المنع من القراءة حال جهر الإمام بالقراءة لقوله: (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) والاستماع إنما يكون لقراءة مجهور بها لا لقراءة مخافتة، وما كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يجهر بالقراءة إلا في الصلوات الجهرية، لا في الصلوات السرية، فإنه يخافت بها، وما يعرفون قراءته فيها إلا باضطراب لحييه كما ثبت ذلك. وقد يسمعهم الآية أحيانا على جهة الندرة والقلة فيعرفون أنه قرأ بسورة كذا. وغاية ما يلزم من ذلك أنه ينصت المؤتم في السرية إذا سمع جهر الإمام بتلك الآية التي يجهر بها نادرا، وذلك لا يستلزم ترك القراءة مطلقا لا شرعا، ولاعقلا.

الدليل الثاني: ما ثبت عند أهل السنن (٢) وغيرهم (٣)، وصححه جماعة من الأئمة من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الذي رواه أبوهريرة: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا" فهذا يدل على وجوب الإنصات عند وقوع القراءة. وقد تبين كونه قال ذلك في صلاة جهرية بما أخزجه أبو داود (٤)، والنسائي (٥) ..............................


(١) [الأعراف: ٢٠٤].
(٢) أخرجه أبو داود رقم (٦٠٤) والنسائي (٢) وبن ماجه رقم (٨٤٦).
(٣) كأحمد (٢). والطحاوي في" شرح معاني الآثار" (١) والدارقطني (١ رقم ١٠)
وهو حديث صحيح.
(٤) في "السنن" رقم (٨٦٢)
(٥) في السنن (٢ - ١٤١ رقم ٩١٩).